تعد روسيا هي أكبر منتج للألماس الخام الذي يتم استخراجه من مئات المناجم في سيبيريا، حيث يأتي ثلث إمدادات الألماس في العالم.
والآن اقترحت المفوضية الأوروبية أن يشمل الألماس سلسلة من العقوبات المفروضة على روسيا منذ غزوها الشامل لأوكرانيا.
وتأتي هذه الخطوة في إطار الجولة الثانية عشرة من الإجراءات التي يتخذها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في يناير، وهو مرتبط بمجموعة السبع، التي تناقش أيضًا الحظر.
منذ عام 2022، شملت عقوبات الاتحاد الأوروبي الفحم والغاز والذهب والفودكا وحتى الكافيار الروسي، لكن الألماس المستخرج في شمال شرق روسيا لا يزال يتداول في الأسواق العالمية، حيث تجنب الاتحاد الأوروبي حتى الآن فرض أي نوعًا من الحظر على روسيا، وذلك بفعل مخاوف بلجيكا، وحرصها على حماية مدينة أنتويرب، والتي تعد عاصمة الماس في العالم، حيث تعد مركزًا لصناعة الألماس الخام والمصقول منذ القرن الخامس عشر، ويتداول بها أكثر من 80% من إجمالي الألماس الخام المستخرج في جميع أنحاء العالم، وقبل الحرب كان واحد من كل أربعة منهم يأتي من روسيا.
تستحوذ روسيا على حصة كبيرة من الألماس المتداول في أسواق أنتويرب، وتوجه تجار الألماس للاستيراد من أسواق غير روسية قد يرفع التكلفة على المستهلك، لعدة أسباب، من بينها انخفاض أسعار الألماس الروسيى مقارنة بالأسواق الأخرى، كما أن ذلك سيعمل على الضغط على أي مورد جديد لأنتويرب، نتيجة ارتفاع الطلب، وبالتالي ترتفع الأسعار.
من المقرر أن يتخذ القرار النهائي بشأن الحظر الذي اقترحته المفوضية الأوروبية من قبل الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة، لكن العديد من تجار الألماس في أنتويرب توقعوا حدوث ذلك وتعرضوا بالفعل لضغوط من الشركات التي يتاجرون معها لوقف الإمدادات من روسيا.
ولطالما اشتكى المنتقدون من أن استيراد الألماس الروسي أمرًا غير أخلاقي، لأن جزءًا كبيرًا من الأموال تتدفق مباشرة إلى الكرملين.
ويتم إنتاج أكثر من 90% من الماس الروسي من قبل شركة “ألروسا”، وهي مملوكة في معظمها لكيانات حكومية روسية.
وفي إبريل الماضي، حظرت الولايات المتحدة واردات الألماس الخام من روسيا وفرضت عقوبات على شركة “ألروسا”، في حين حققت الشركة إيرادات بلغت نحو 1.9 مليار دولار في النصف الأول من عام 2023.
يقول فيليب رينيرز، مدير معهد IPIS – وهو معهد أبحاث مقره في أنتويرب: “هناك صلة مباشرة بين شراء الألماس الروسي وتمويل الحرب في أوكرانيا”، ومن ثم يجب اعتبار الماس الروسي بمثابة ألماس ممول للصراعات.”
يُعرف الماس الممول للصراعات أيضًا باسم الماس الدموي، وهو عبارة عن أحجار كريمة تُباع لتمويل الحرب.
يقول توبياس كورميند، المدير الإداري لشركة 77 Diamonds – إحدى أكبر متاجر مجوهرات الألماس عبر الإنترنت في أوروبا: “إن روسيا في حاجة ماسة إلى المال لتمويل حربها، ولهذا السبب أصبح الألماس الروسي أرخص”.
لقد توقف عن استيراد الأحجار الكريمة الروسية في غضون أسابيع قليلة من غزو أوكرانيا – مما أدى إلى ارتفاع تكاليف شركته – ويعتقد أن باقية الصناعة كان يجب أن تتخذ موقفًا أكثر حزمًا.
وقال: “نظراً لأن الشراء من روسيا أرخص، فإن ما يفعله الكثيرون هو غض الطرف، وعدم الكشف عن أنهم يحصلون على أحجارهم من شركة ألروسا”، وبما أنه من الصعب جدًا معرفة مصدر الألماس على وجه اليقين، فمن الصعب جدًا فرض الحظر.
ويقول فيليب رينييه من معهد IPIS: “على عكس المنتجات الأخرى، مثل القهوة أو الشاي أو الشوكولاتة، لم تكن تجارة الألماس شفافة على الإطلاق”. “الألماس لا يُسافر بشهادة المنشأ، وغالبًا ما تكون طرود الألماس مختلطة بأحجار مختلفة المنشأ، لذا من الصعب جدًا معرفة المصدر”.
يمكن للألماس أن يتغير من 20 إلى 30 مرة بين منجم والسوق، إن الافتقار إلى القدرة على التتبع هو السبب وراء جاذبية هذه التجارة للنشاط الإجرامي، ولماذا يقول النقاد إن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي معيب.
وقال فيليب رينيرز: “هذا شيء غير موجود على مستوى القطاع اليوم”. “لكي ينجح هذا الحظر، يجب أن يكون هناك ضمان حقيقي بأنه يمكنك تتبع مصدر الألماس الخاص بك بشكل مطلق،حيث يعد التعقيد الرئيسي هو أن 90٪ من المعروض العالمي من الألماس الخام يتم شحنه إلى الخارج في أشكال مقطوعة ومصقولة – بغض النظر عن مكان استخراجه، وينتهي الأمر بمعظم هذا الماس في المصانع في الهند، وبمجرد صقل الماس وتجهيزه للشحن، يتم تصنيفه على أنه من أصل هندي.
ويقول المحللون إنه من الضروري إغلاق هذه الثغرة الرئيسية، لكن حتى الآن، تحدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الغرب بتقليص العلاقات الاقتصادية مع الكرملين.
وقال رينيرز: “إذا لم تنضم الهند، فلن ينجح الحظر”.
هناك نصف مليون شخص تقريبًا يعملون في صناعة الماس في الهند، ما يجعلهم عرضة لفقد وظائفهم مع قرار حظر الألماس الروسي.
ولكن الدول الغربية تمثل نحو 70% من الطلب العالمي على المجوهرات الماسية ـ وهناك شعور ملح بأن هناك حاجة إلى القيام بشيء ما.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو في سبتمبر إن “الماس الروسي أصبح يرمز إلى الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان”.
وهناك اعتقاد بأن عقوبات الاتحاد الأوروبي سوف يكون لها تأثير.
وقال رينيرز: “سيظل بعض الألماس الروسي يدخل السوق الأوروبية”، لكنه يعتقد أن الحظر سيؤدي إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين يشترون المجوهرات التي تمول حرب الكرملين في أوكرانيا.