كف وخمسة وخميسة.
العين صابتنى ورب العرش نجاني.
محلى جمالك يا عروسة.
يا حلوة من العين محروسة.
في عين الحسود خمسة وخميسة .
كف بأصابعها الخمسة عبرت الأزمنة من ألوف السنين، والأمكنة بألوف الكيلومترات، حضارات الشرق الأوسط والهند وفارس، كل الديانات القديمة عشقت هذا الكف، جعلته محورًا لكثير من المعتقدات، التي تحمي من الشرور، وتمنع العيون الشريرة والأخطار، أحبتها النساء فعلقنها في صدورهن وأذرعهن وأصابعهن لتأخذ العين.
وصنعت من النحاس والذهب والفضة، والأحجار وحتى الصفيح، غزت الملابس ومداخل البيوت، أصبحت دلالة لغرام الناس بالحياة والمعتقد والجذور، تلك الحلية الصغيرة التي تضعها الفتيات حتى اليوم في سلسلة على أنها أحدث صيحات الموضة، حملت كل هذه المعاني، كيف بدأت الحكاية ؟ حكاية تعدت الزينة والخزينة للحب والحفظ والحماية والعشق .
بدأت من الكهف عندما وضع الانسان البدائي يده بالأصباغ على جدران الكهف التماسًا لطاقة سحرية، ثم علامة أنه مر من هنا، وبعدها محفورة على جدران المعابد الأشورية، يد الآلهة اليمنى مفتوحة دليل على التطهير والحماية، بعد ذلك أصبحت الكف بأصابعها الخمسة رمزًا للألهة الأنثى، وأصبحت شعار الألهة أنانا وتغيير الفصول،كانت تُرتدى من أجل جلب الحب والحمل والإخصاب والحماية من الشر، انتقلت إلى الهند لتصبح كف دورجا الحامية، وبعدها كرمز للعناصر الخمسة فى البوذية، نقلها الفينقيون معهم إلى الساحل الأفريقى، عندما أسسوا مدينة قرطاج، ومن يومها أصبحت معشوقة البربر والأمازيغ وشعوب شمال أفريقيا، حتى أنها موجودة فى شعار الدولة الجزائرية، وعدد غير قليل من الحلي والأدوات، كردان تاشون شانت في واحة سيوة من أكثر النماذج جمالًا لاستعمالها في الحلي.
مع الزمن أصبحت يد “تانيت قرطاجة”، صاحبة القمر هى كف “مريم بنت عمران أخت موسى”، التى أنقذته بالحيلة من جنود فرعون، ورمز لأسفار اليهود الخمسة، تميمة للحفظ والحماية والوقاية من الشرور، وبظهور المسيحية أصبحت كف مريم أم المسيح الحامية المعطاءة، أم النور صاحبة البركة، ومع ظهور الإسلام أصبحت الكف هى كف “فاطمة بنت محمد”، وأصابعها الخمسة، ترمز لأركان الإسلام الخمسة، ثم ظهر تصميم جديد لليد أصبح في منتصفها “عين حورس الاوجات” كالعادة خلط المصريون تراثهم بالقادم إليهم، كرمز آخر للوقاية من الشر، وزينت بخرزات زرقاء أو حمراء، دفعًا للشر ومزخرفة برموز مختلفة تبعًا لمعتقد مقتنيها.
في مصر رأى الكثيرون أن “التخميس” بالأصابع أو وضع الكف في مكان ظاهر في البيت أو على الجسم، هو دلالة على الآيات الخمس لسورة الفلق، وأن تعليقها هو إشارة للرغبة في الحصول على حماية الله ورعايته، انتشر هذا الاعتقاد بين الناس على اختلاف مستوياتهم معتقداتهم، “أحمد أمين” كتب عنها في قاموس العادات والتقاليد المصرية”خمسة وخميسة هى عبارة عن كف فيها خمسة أصابع، وتصنع عادة من تاج أو من فضة، أو نحاس مجلة يزعمون أنها تستلفت النظر فتقع عين الحسود عليها، فلا يؤذى الشئ الذي وضعت عليه .
قبلها بمئات السنين ذكر “ابن عطية الأندلسي” أن خمسة وخميسة في عينك هي إشارة إلى أيات سورة الفلق، فيشير الخائف من الحسد إلى الحاسد بكفه الخمسة .
يختلف المفهوم عند الشيعة هى يد العباس في الاحتفالات الكبرى، وهى إشارة لأصحاب الكساء الخمسة .
الكف الخمسة وخميسة قد تكون أشهر تميمة في العالم الأبقى عبر الزمن، عندما يكون اتجاه الأصابع لأعلى تكون رغبة في الحصول على الخيروالخصوبة، وعندما تكون مقلوبة لأسفل، تصبح رغبة في إبعاد الشر والحسد، إهداءها محبة لأنها ترمز لتمني الإخلاص، والوفرة والإخصاب، ولذلك هى إحدى هدايا المولود المميزة، وتوضع مع الشبة والفاسوخة، لدرء الحسد، وحتى بدو الخيام في المناطق العربية، يربطون كف معدنية في طرف قماش الخيمة، عندما ترتدي النساء والفتيات الكف الذهبية والفضية اليوم، أو يعلقونها معدنية أو فخارية أو خشبية فى البيوت أو السيارات، وحتى مرسومة على الملابس فإنهن يحفظن امتداد هذا التراث الجميلة .
عين الحسود فيها عود يا حلاوة.
وعضة أسد ولا نظرة حسد.
وحلاوتهاخمسة وخميسة.
وليلتهاخمسة وخميسة.
ما شاء الله خمسة وخميسة .