بأنامل رقيقة استطاعت الدكتورة مي الهادي- خريجة طب بشري 2011- أن تتقن صناعة الحلي وتتخذها طريقًا جديدًا لتحقق حلمها وشغفها في هذا المجال، فمنذ كانت صغيرة وهي تعشق الرسم والمشغولات اليدوية، فكانت تصمم بعض الاكسسوارات الخاصة بها، ومع التحاقها بكلية طب بشري، أنشأت مشروعًا صغيرًا خاص بها، وكانت تصمم المشغولات وتبيعها للطلاب في الجامعة.
وبعد مرور 7 سنوات من الدراسة في كلية طب، رأت أنه من الضروري أن تطور موهبتها، لذا اشتركت في مدرسة عزة فهمي، من والحصول على دورة تدريبية صيفية، درست فيها فنون تصميم الحلي، ولم تكتفي بذلك، بل أخذت دورة تدريبية في مركز تكنولوجيا الحليّ في وزارة الصناعة والتجارة، من أجل صقل موهبتها، ومعرفة المزي عن فنون التصميم وتشكيل الحلي والمجوهرات.
ورأت أن فكرة ترك مهنة الطب بشكل نهائي أصبحت مُلحة 2015 خاصة بعد إنجاب أول طفل، فكانت بحاجة إلى الجلوس في المنزل من أجل رعاية الطفل، وخلال هذه الفترة، توسعت في تصميم الحلي والمجوهرات وبدأت البيع أون لاين، لتتخذ القرار الصادم بالنسبة لجميع أفراد أسرتها والمقربين منها وهو الاستقالة من وزارة الصحة، من أجل تحقيق حلمها، في أن تكون واحدة من أهم مصممى الحلي والمجوهرات.
وبعد التفرغ لتصميم الحلي والمجوهرات .. واجهتها أكبر تحدي وهو التعامل مع الورش في منطقة الصاغة، فكان الأمر ربما يكون غريبًا على العاملين في هذا المجال الذي يكون أغلبيته من الرجال، إلا أنها اقتحمت هذا المجال، وبدأت في تكوين دائرة معارف داخل الصاغة.
اعتمدت «مي» في تسويق أعمالها على السوشيال ميديا، وأصبح لديها صفحة تحمل اسم المنتج الخاص بها وهو «mai alhadi jewelry»، على الفيس بوك والانستجرام، فكان اختيار هذا الاسم بناءً على رغبتها في ربط اسمها بحلمها الذي حلمت به منذ الصغر، وهي أن تكون من أكبر مصممي الحلي في مصر.
فكرة العمل من خلال السوشيال ميديا كان في البداية صعبة، وذلك لأنها كانت ليس منتشرة مثل الآن، وهناك أزمة ثقة لدى الكثير من العملاء حول «هل القطعة المعروضة على الصفحة هي نفس المنتج الذي سوف يستلمه»، ولكن مع الوقت استطاعت أن تكسب ثقة العملاء.
وصلت أعمال الطبيبة والفنانة مي إلى العالمية، وأصبحت تصدر منتجاتها إلى الخارج، حيث تقول «ما يميز العميل الأجنبي عن المصري، هو أنه يقدر قيمة الأعمال الفنية اليدوية، ويعشق اقتناء المشغولات اليدوية، أما المصري فلديه معرفة بقيمة هذه الأعمال، ولكنه يحب الفصال».
تعاقدت مي مع العديد من الشركات الشحن الدولية والمحلية، وأصبح هناك ثقة في التعامل معهم وفي توصيل المنتج إلى العميل بنفس الحالة التي استلمها به، وبدون تأخير، فكان أكبر المشاكل التي تواجها مع شركات الشحن، إما ارتفاع سعر الشحن، أو تأخير وصول الطلب إلى العميل.
«الابتكار» هو عنوان نجاح مي في مجال صناعة الحلي، حيث ترى أن تصميم المنتج يجب أن يكون من وحي الخيال، فبمجرد أن تعرف المناسبة أو التصميم الذي يريده العميل، تستطيع الابتكار وتصميم منتج فريد لا مثيل له يثير دهشة العميل ويجعله يتواصل معها بشكل دائم، حيث ترى أن أهم شيء يجب أن يتحلى به مصمم الحلي هو الابتكار، بحيث يكون مميز في السوق وليست أعمال منسوخة من تصميمات أخرى.
اعتمدت مي في بداية تصميم المشغولات والحلي على معدن النحاس.. ولكن الآن أصبح الفضة، حيث تستطيع تصميم أي فكرة يريدها العميل، الأمر الذي جعل هناك ثقة كبيرة لدى العملاء في ذوق الطبيبة الفنانة.
أما عن الأحجار الكريمة التي تستخدمها في صناعة الحلي، قالت إنها تواجهها مشكلة وهي أنها ليس لديها معلومات كافية عن الأحجار الكريمة الأصلية والمصنوعة، لذا لا تفضل أن تقوم بإدخال الأحجار في تصميم المشغولات إلا بنسب قليلة للغاية.
أكبر تحدي يواجه «مي» هو أن الأسعار أصبحت مرتفعة للغاية بنسبة تصل إلى أكثر من 100%، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي جعلها تخفض من مكسبها في قطعة الحلي، حتى تحافظ على العملاء.
وبعد مرور 8 سنوات من ترك مهنة الطب.. والدخول في مهنة صناعة الحلي، أصبح لديها ورشة بها 10 عمال، كل فرد منهم يعتبر ضمن عائلة مي يعمل بجد وإخلاص، ويكون مسئول عن جزء من تصميم المشغولات الذهبية.
تسعى الآن إلى تسجيل العلامة التجارية الخاصة بها.. خاصة بعدما وجدت أن أعمالها أصبحت تسرق، ويتم تقليدها من صفحات أخرى.
كما أنها تخطط خلال الفترة المقبلة المشاركة في معرض «تراثنا» و «ديارنا».. إلا أن هناك تخوف من أن لا يقدر زائري المعرض قيمة التصميم، ويجيدون أن أسعارها مرتفعة، فليس كل الفئات تقدر قيمة ورقي التصميمات اليدوية الفريدة.
تحلم أن يكون هناك كورسات ودورات تدريبية بأسعار مخفضة حتى يستطيع كل الأشخاص الذين لديهم حب تصميم الاكسسوارات، في تطوير من ذاتهم وأن ينطلقوا إلى العالمية، حيث ترى أن جميع الكورسات التي تتوافر مرتفعة الثمن للغاية، لذا يجب على الجهات المختصة أن تقدم دعم، فالأمل في الصناعة.
واختتمت حديثها قائلة: «مدرسة الذهب سيكون الخريجين منها لهم مستقبل كبير.. ولكن يجب أن يكون لديهم الإبداع والابتكار.. حتى يستطيعوا أن يقتحموا السوق.. فهي مهنة لا يصلح معها أن تتوارث.. ولكن يجب أن يكون الشخص لديه حب وإبداع في تصميم المشغولات الذهبية».