كتبت: سهيلة قنديل
“تحدث معي يا هاري وينستون، أخبرني بكل شيء عنه!” هذه مجرد واحدة من الأبيات الخالدة من أغنية Diamonds a Girl’s Best Friend، التي غنتها مارلين مونرو…”
يعد هاري وينستون Harry Winston واحدًا من أشهر صائغي المجوهرات في الولايات المتحدة الأمريكية.
في عام 1947، منحت مجلة “كوزموبوليتان” هاري وينستون لقبًا سيتبعه طوال حياته المهنية: “ملك الماس“. بصفته عالمًا فذًا في الأحجار الكريمة ويتمتع بمهارة بديهية في تجارته، سافر وينستون حول العالم في سعيه للعثور على أرقى أنواع الألماس والأحجار الكريمة في العالم لمحفظته الواسعة من العملاء المميزين، واشتهر بمقولته: “ما من حجري ألماس متشابهيْن”.
ولد وينستون في الأول من مارس عام 1896، وبدأت رحلته مع المجوهرات في عام 1908،كان حينها الثانية عشر من عمره، إذ اشترى خاتمًا بسيطًا مرصع بحجر من الزمرد الأخضر، من أحد متاجر الرهونات، بقيمة 25 سنتًا على اعتقاد أن الحجر يبلغ وزنه ربع قيراط، أخذ هاري الخاتم لواله، الذي كان صائغًا صغير في المجال، ليندهش بالحجر الأخضر الذي اتضح أن وزنه قيراطًا كاملًا، ومن ثم باعه هاري بـنحو 800 دولار، لتبدأ أولى خطواته التجارية وتكوين إمبراطوريته في قطاع المجوهرات.
قبل فترة طويلة من تتويج وينستون بـ “ملك الماس”، تصدر عناوين الأخبار باعتباره أحد الوسطاء البارزين في الألماس والمجوهرات النادرة والاستثنائية، تأسست شركته الأولى، شركة Premier Diamond Company، في عام 1920، وخلال هذه الفترة بدأ في الاستحواذ على مجوهرات الشخصيات الاجتماعية الأمريكية البارزة، من بين هذه الممتلكات كانت ملكية ريبيكا دارلينجتون ستودارد في عام 1925، تليها بعد عام واحد مجموعة مجوهرات أرابيلا هنتنجتون، أرملة قطب السكك الحديدية، وضمّت المجموعة باقة من أرقى المجوهرات التي تحمل توقيع أبرز الدور العالمية مثل كارتييه Cartier، والتي عمل بعد ذلك على ترميمهما وإعادتها لحالتها الأولى.
وكان من بين عملاء وينستون عائلات بارزة وأفراد من العائلة المالكة وعمالقة الصناعة، ومن خلال هذه العلاقات حصل على وصول غير مسبوق إلى أهم الماس والأحجار الكريمة في العالم، وبحلول عام 1932 أسس شركته ” هاي وينستونHarry Winston” المختصة بتصنيع الألماس والمجوهرات الراقية، وقد ظهرت مجموعة كبيرة من تصاميمه في الأفلام الأميركية وعلى السجادة الحمراء بدءاً من أربعينيات القرن الماضي، وسرعان ما أصبح معروفًا بأنه المصدر الذي يقصده أساطير شاشة هوليوود وكبار الشخصيات الملكية.
وفي عام 1934، بعد هطول أمطار غزيرة، تم اكتشاف ماسة خام وزنها 726 قيراطًا في جنوب أفريقيا، سُميت “جونكر” تكريمًا لعامل المنجم الذي اكتشفها، وتصدرت الماسة عناوين الأخبار الدولية وسرعان ما لفتت انتباه ونستون، في العام التالي، تصدر جونكر عناوين الأخبار مرة أخرى، عندما قام السيد ونستون بالمزايدة على منافسيه للحصول على الماسة الخام، كان وينستون فخورًا جدًا باستحواذه الأخير، لدرجة أنه عند وصوله إلى الولايات المتحدة، تم إرسال جونكر في جولة صحفية، بما في ذلك جلسة تصوير حظيت بتغطية إعلامية كبيرة مع الممثلة شيرلي تيمبل.
وفي عام 1938، تفوق ونستون على منافسيه مرة أخرى، بعد قراءة مقال صحفي صغير حول اكتشاف ماسة خام تزن 726.60 قيراط في نهر سان أنطونيو بالبرازيل، انطلق وينستون على الفور في رحلة عبر القارة لتعقب الحجر، سافر السيد ونستون أولاً بالطائرة إلى البرازيل، ثم بالقارب إلى أنتويرب، حيث قام بفحص وشراء الحجر الثمين الاستثنائي من الخام، والتي أطلق عليها اسم “فارجاس the Vargas”، قبل عرضها رسميًا على أي صائغ آخر.
الماس فارجاس، 726.60 قيراطًا
وفي عام 1953، حصل ونستون على قطعة خام تزن 155 قيراطًا تم اكتشافها في جنوب أفريقيا في العام السابق، وتحت إشراف وينستون، تم قطع الحجر إلى شكل كمثرى خالٍ من العيوب بلون D ويزن 62.05 قيراطً، أحب ونستون هذه الماسة كثيرًا لدرجة أنه أطلق عليها اسم نفسه. تم بيع ألماسة وينستون، باعها لعميل في الشرق الأوسط في عام 1959، وكان من المقدر لهذه الماسة أن تعود إلى “ملك الماس” مرة أخرى بعد عدة سنوات، وأعاد وينستون تقطيع الحجر مرة أخرى ليصل وزن الماسة إلى 61.80 قيراط، وعندما تمت مطابقتها مع ماسة أخرى بنفس الحجم، قام وينستون ببيعها كزوج من الأقراط إلى أحد هواة جمع العملات البارزين في كندا.
وينستون (خلف المكتب) في مكتبه يراجع الأحجار الكريمة التي كان يفكر في ترصيعها. حوالي عام 1954
ماسة نجمة الاستقلال
تم قطع الماسة التي يبلغ وزنها 75.52 قيراط والتي لا تحتوي على أي شوائب داخلية شائبة، على يد هاري وينستون، من قطعة خام تزن 204 قيراط في عام 1976، ويُشاع أنه كان يحملها في جيبه – فقط من أجل الاستمتاع بوجود مثل هذا الحجر المثالي بالقرب منه.
أطلق ونستون على الماسة اسم “نجمة الاستقلال” احتفالاً بالذكرى المئوية الثانية لأمريكا، وقال عنها “لقد رأيت بعض الأحجار الرائعة، لكن هذه الحجرة تبدو لي كما لو أنها ستكون أرقى ماسة في العالم”.
إعلان عام 1976 عن نجمة الاستقلال الماسية
واشنطن
ومع تقديره العميق لجذوره الأمريكية، حصل وينستون على قطعة من الخام تزن 342 قيراطًا، أنتجت ماستين على شكل كمثرى، قطعها هاري وينستون في عام 1976 – عام الذكرى المئوية الثانية للولايات المتحدة – وتم تسمية الماسة الأكبر منها، والتي يبلغ وزنها 89.23 قيراط، على اسم الرئيس الأمريكي الأول، جورج واشنطن.
امتلك وينستون العديد من الأحجار الكريمة الشهيرة، وكان أهمها « ماسة الأمل The Hope Diamond » ذو اللون الأزرق النادر،
طوال حياته المهنية، تشير التقديرات إلى أن هاري وينستون امتلك أكثر من ثلث أشهر الماسات في العالم، ومن بينها،و ربما تكون الماسة الأكثر شهرة هي ماسة الأمل Hope Diamond، التي اشتراها هاري وينستون في واحدة من أهم مزادات المجوهرات في التاريخ، وكانت الجوهرة الزرقاء الرائعة مملوكة لامرأة المجتمع الأمريكية إيفالين والش ماكلين، التي ارتدتها في الحفلات في منزلها في واشنطن العاصمة.
ماسة الأمل التي تم ارتداؤها في حفل Bal de Tête الذي أقيم في فندق ريتز كارلتون في 15 نوفمبر 1949.
تبرع وينستون بالماسة لمؤسسة سميثسونيان عام 1958، وما يلفت الانتباه بقصة التبرّع هذه هو أنّ وينستون Winston أرسل حجر الألماس الثمين المقدّر وزنه بـنحو 45.52 قيراطا بالبريد مقابل 145 دولارًا و29 سنتًا، وعندما سؤال عن السبب، قال وينستون Winston: “بمن تثق إذا كنت لا تستطيع الوثوق ببريد الولايات المتحدة الأميركية؟”.
بعد وفاتها في عام 1947، تم طرح ماسة الأمل للبيع جنبًا إلى جنب مع ممتلكات ماكلين الرائعة للمجوهرات، والتي تضمنت أيضًا نجمة الشرق التي يبلغ وزنها 94.80 قيراطً، بحلول عام 1949.
بعد وفاة هاري وينستون Harry Winston في العام 1978، دخل نجلاه رونالد Ronald وبيرس Pierce في معركة للسيطرة على الشركة إلى أن اشتراها الأوّل مع شريك له في العام 2000، وبعد 13 عاماً، أي في العام 2016، اشترت مجموعة Swatch السويسرية الشركة، واليوم تديرها السيدة السويسرية اللبنانية الأصل نائلة حايك Nayla Hayek.
يحمل هاري وينستون أحجارًا شهيرة في راحة يده، بما في ذلك إندور بيرز، وكاثرين العظمي ،و جونكر ، وماسة الأمل، وعين المعبود، ونجمة الشرق.