تشتهر مدن مصر بمعالمها العريقة التي تشهد بتراثها الحضاري ، وخاصة الشوارع القديمة لأسواق الذهب “الصاغة “، ومن أشهر تلك الشوارع ” شارع فرنسا بمحافظة الإسكندرية، والذي يمتدّ من ميدان التحرير بحي المنشيّة وحتّى حيّ الجمرك في بحري.
يضم الشارع محلات للذهب مصفوفة على الجانبين، وبريقها يتلألأ لتراه من بعيد، يقطعه حارات ضيقة تسهل المرور داخله، ويتميز ذلك الشارع بالعراقة، حيث المباني العتيقة رمادية اللون والشرفات الحديدية، وكأنها تروي قصصًا تاريخية.
ويرجع تاريخ هذا الشارع إلى دخول الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت، حيث جعلته الحملة إسطبلًا للخيول، وسمته فرنسا نسبة إليها.
ويضم الشارع العديد من المساجد الأثرية، ومن بينها مسجد التربانة أشهر مساجد الإسكندرية، والذي نشأ عام ١٠٩٧، ومسجد الشوربجي، والذي يعود إنشائه إلى عام ١٧٥٧، ومسجد إبراهيم باشا، كما يضم سوق الطباخين لبيع جميع مستلزمات الطهي، وأجود المطاعم ، ومحلات المجوهرات والحلي الفضية والذهبية، إلى جانب سوق تجاري في منتصف الشارع لبيع جميع الأدوات المنزلية والكهربائية، يليه سوق للقماش والمفروشات.
ويوجد هناك العديد من تجار الذهب المشهورين، والذين ورثوا المهنة عن أجدادهم ، نظرا لأنهم من سكان “فرنسا الإسكندرية” الأصليين، كما وصف أحدهم قائلا : إن شارع فرنسا يمثل قطعة حقيقية من فرنسا على أراضي مصرية، وتزدهر الحركة التجارية به بفضل أبناء الإسكندرية العاملين والمقيمين فيه، كما قد يأتي إليه، السواح على أنه مزار سياحي، أو للتجول أو التسوق”.
في السابق كان الشارع يسمى حي البازارات التركي، حيث كانت الدولة العثمانية والتي أسسته على الطراز التركي، وكانت جميع محلات الذهب به عبارة عن بازارات ، مليئة بالتحف والأنتيكات الأثرية، حتى القرن الثامن عشر ، ومجيء الحملة الفرنسية، والتي جعلته اسطبلًا للخيول، ومكانًا لحفظ الأسلحة والمعدات الثقيلة، وغيرت في هويته، وأطلقت عليه «شارع فرنسا».
وكان للحضارة الفرعونية دور في النقوش المجاورة للشارع، حيث يوجد على يمينه نقشًا يصور تمثال الألهة سخت التي عبدها الفراعنة، واعتبروها مصدرًا للقوة، وجعلوا لها رأس أسد.
تراجع ملحوظ في الإقبال على التسوق بـ”فرنسا “
ويشهد شارع فرنسا حاليًا حالة من الهدوء، نظرا لعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، الناتج عن هبوط الجنيه المصري مقابل سلة العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، مما أدى إلى تقليل حجم المبيعات.
ويعد “فرنسا ” الصاغة الرئيسية في الإسكندرية ، ويشبه منطقة الصاغة بالحسين ، فيشتهر بوجود مصنعين وتجار وشيشنة ” فحص” الذهب، كما تتأثر حركة البيع والشراء داخله، بنفس العوامل المؤثرة في أسعار الذهب المحلية، حيث أن تراجع الإقبال على الشراء يؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب، إلى جانب السعر المعلن في البورصة العالمية، وسعر الدولار .
وقد يذهب بعض الناس إليه حاليًا بهدف النزهة ومشاهدة أحدث المشغولات الذهبية والفضية، دون الشراء ، وقد يسأل البعض عن الأسعار، لمعرفة أخر التطورات السعرية، أو لمقارنة الأسعار فقط، وذلك بعدما كان يزوره كبار التجار من حول العالم عن طريق البحر المتوسط، باعتباره مركزًا تجاريًا ضخمًا بالإسكندرية.
أشهر قصص شارع فرنسا
ترددت الأقاويل حول شارع فرنسا، حيث كانت “ريا وسكينه” من أشهر زبائنه، واللتان كانتا تستهدف جذب السيدات من السوق وخاصة من أمام محلات الذهب، واختطافهم وسرق مصوغاتهم إلى أن تم القبض عليهم.
كما تردد الحديث حول إمتلاك اليونانيين المحلات التجارية عند شرائها من الفرنسيين، وهم من باعوها للتجار المصريين بعد ثورة ١٩٥٢.
ولكن ظهر خلال السنوات الأخيرة أعداد غير قليلة من السوريين سواء، للعمل أو التسوق، ويحاولون إضافة لمحة سورية إلى أماكن عملهم، تتميز بالجمال والدقة .
أشهر محلات الذهب بـ “فرنسا “
تنتشر محلات الذهب والمجوهرات ، على جانبي شارع فرنسا، مثل مجوهرات الكتاتني لصاحبها محمود الكتتاتني، ومجوهرات عبد الوهاب، ومجوهرات اخوان خلف، والأميرة، ومحمد عبد السلام، وأحمد كمال ،وإدوارد فرج، وعدس، والشنواني، و فؤاد أحمد، فريد كيرلس، و أحمد بريمة.