“الماس إلى الأبد – أليس كذلك؟” غنتها المغنية الانجليزية “شيرلي باسي” في عام 1971، إلا أن شركة المجوهرات “دي بيرز” أعلنت هذه الشعار منذ عام 1948، عندما حلمت المديرة التنفيذية “اري فرانسيس جيريتي” بشعار “الألماس يدوم إلى الأبد”، كان المعنى الضمني هو أن هذه الأحجار الجميلة تشكلت قبل مليارات السنين، ومن المؤكد أنها ستكون هنا بعد رحيلنا: إذًا فالألماس هو الرمز الأفضل للحب الأبدي؟
حقق هذا المفهوم نجاحًا كبيرًا واستفادت شركة De Beers منه، نتيجة لربط الألماس بحفلات الزفاف، لقد كانت خطوة ذكية، كما يقول أجا رادين مقدم الفيلم الوثائقي Netflix العام الماضي لا شيء يدوم للأبد، ليس لأن أحجار الألماس الموجودة في خواتم الخطوبة الحديثة هذه كانت أحجار صغيرة من الألماس الأبيض، وهو النوع الأقل رغبة لدي المستهلكين، كان السبب في ذلك، على حد تعبير رادين: “الناس يريدون أفضل شيء، وقد أقنعتنا شركة دي بيرز بأنه الألماس”.
كان للفكرة جاذبية، لكن بعد مرور 75 عامًا من طرحها، يعاني الألماس من أزمة هوية، تشرح “ميلينا لازازيرا” الصحفية المتخصصة في المجوهرات، في تصريحات صحفية لجريدة “ديلي ميلي” الانجليزية، أن “الألماس الخام بالحجم الذي يستخدم عادة في خواتم الخطوبة قد انخفض سعره”، “الصناعة تحت الضغط.” في أثناء إعلانه عن أرقام مبيعات غير ملحوظة في يونيو، أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة دي بيرز إلى “تحديات الاقتصاد الكلي العالمية” ووصف مزاج الصناعة بأنه “حذر”.
هناك شائعات مفادها أن روسيا، أكبر منتج للماس الطبيعي، تتعامل مع العقوبات التجارية التي تفرضها المملكة المتحدة والولايات المتحدة من خلال بيع منتجاتها بسعر أرخص، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
هناك أيضًا تغيرات مجتمعية تسهم في انكماش مبيعات الألماس، من بينها أن ربط الألماس بالزواج يؤدي إلى نتائج عكسية، نتيجة تراجع الزواج، حيث انخفض عدد حفلات الزواج في المملكة المتحدة بنسبة 36.6 % بين عامي 1989 و2019.
حيث يرى بعض المتزوجين، إمكانية دفع قيمة تكلفة خاتم من الألماس مقابل تسديد دفعة أولى من قيمة وحدة سكنية للزواج، وهي في الأسس أسباب منطقية في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة.
هناك عامل آخر وهو أننا نعيش في عصر التفرد، وأولئك الذين يريدون أحجارًا كريمة على أصابعهم لا يختارون بالضرورة الألماس،فبعض السيدات قد ترتدي خاتم خطوبة من أحجار العقيق الأسود، أو الزمرد أو التورميالين.
وبما أن خواتم الخِطْبَة تمثل عادة حوالي 30 % من أعمال العلامات التجارية للمجوهرات، يتعين على هذه الشركات أن تفكر مرة أخرى، يحاول بعض تجار التجزئة تسويق الماس كهدايا للصداقة.
اليوم، تشتري النساء معظم مجوهراتهن بأنفسهن، ويمكن رؤية ذلك في أسلوب الحملات الإعلانية للشركات، فأحدث إعلان لعلامة باندورا للمجوهرات ذات السوق المتوسطة، عن الألماس المصنع معلميًا، يظهر فيه “باميلا أندرسون” ومجموعة من النساء في الغالب يتحدثون عن المنتج (‘عندما أرتدي الماس… أشعر أنني على قمة العالم!’) دون ذكر الرومانسية على الإطلاق.
يعد الألماس أيضًا استثمارًا غير آمن، مع أنّ الشركات تعد الألماس وسيلة لحفظ قيمة الأموال، لكن عند إعادة بيع خاتم الخطوبة من الألماس يتعرض المستهلكين لخسارة جزء كبير من قيمة الخاتم لا تقل عن 30 %.
بينما تعد قطع أحجار الألماس المصنع معمليًا، رخيصة الثمن، وهي إلى ذلك تفقد كثيرًا من قيمتها عند إعادة بيعها.
في كتابه “لا شيء يدوم للأبد”، يشير جون جانيك، أحد رواد صناعة الألماس المصنع معلميًا، إلى أن قيمة الألماس الطبيعي المستخرج من المناجم كانت مبالغ فيها في البداية. ويقول: “إذا كنت تريد كسب المال من هذه المناجم، عليك أن تتظاهر بأنها نادرة”، “الحقيقة هي أن الألماس هو أحد الأحجار الكريمة الأكثر شيوعًا على وجه الأرض” ومع ذلك، فإننا نعدها مميزة، والعديد من العاملين في الصناعة لا يشعرون بسعادة غامرة لأن الابتكار قد خلق منتجًا أرخص، بنفس الشكل والملمس”.
في حين يتمتع الألماس المصنع معمليًا بجاذبية إضافية، فمع تغير المناخ، أصبح الابتكار ركيزة هامة في حد ذاته، في السابق، ربما كان يُنظر إلى الألماس المُصنع معمليًا على أنه بديل رخيص الثمن، ولكن الآن فإن العلم يجعله يبدو وكأنه أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، بالإضافة إلى أنه قد يكون أقل إشكالية من الناحية الأخلاقية من الماس المستخرج المناجم، وارتباطه بالحروب والتغيرات البيئية والمناخية.
“قد يكون” عبارة قد تحمل أوجها مختلفة، حيث
شهد قطاع التعدين، الذي ارتبط بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في القرن العشرين، تحسينات كبيرة في التنظيم الدولي، وفي الوقت نفسه، على الرغم من أن الألماس المصنع معلميًا يبدو مستداما، فإن هذا يعتمد على كيفية إدارة الإنتاج؛ فهي يمكن أن تنتج انبعاثات غازات دفيئة ثقيلة، على سبيل المثال.