بعد موجة من الاضطرابات الحادة وحالة من الفوضى التي تعرض لها سوق الذهب المصري، استمرت لنحو عاميين، ارتفعت خلالها أسعار الذهب لمستويات تاريخية، نتيجة التلاعب في الأسعار من قبل تجار الذهب الخام، لاسيما مع ارتفاع الطلب من المواطنين بغرض التحوط والحفاظ على قيمة الأموال من جرّاءِ نزيف العملة المحلية.
يرصد “عيار 24”… 5 مشاهد داخل أسواق الذهب المحلية خلال الفترة الحالية.
خفض الأسعار للتصدير
أولًا: تراجع أسعار الذهب بالأسواق المحلية عن أسعار الذهب بالبورصة العالمية، بفعل ضغوط تجار الذهب الخام لخفض الأسعار، بغرض تعظيم الأرباح جراء عمليات التصدير للأسواق الخارجية لتوفير الدولار وتوفير سيولة للأسواق.
وكانت الأسواق قد شهدت انفصالًا بين سعر الذهب المحلي والسعر العالمي، حيث ارتفع السعر المحلي عن العالمي بنحو وصل في بعض الأوقات إلى 300 جنيه، وذلك بفعل ارتفاع الطلب ونقص مخزون الذهب بالأسواق المحلية، والتي يرى فيها بعض المتعاملين أن الزيادة غير مبررة والأسعار غير عادلة، وفقًا لتقارير “آي صاغة” خلال تلك الفترة، والتي أشارت إلى استغلال العرض والطلب لتحقيق أرباح على حساب المواطنين.
البورصة العالمية الأكثر تأثيرًا
ثانيًا: السعر العالمي أصبح العامل الأكثر تأثيرًا في أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال الفترة الحالية، وذلك مع استقرار أسعار الصرف، والقضاء على السوق السوداء.
وتشير التوقعات إلى ارتفاعات كبيرة بالبورصة العالمية إذا مع قرر الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر، كما تلعب حدة التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ومشتريات البنوك المركزية، وكذلك الإقبال الآسيوي من الهند والصين، دورًا في تعزيز مكاسب الذهب خلال الفترة المقبلة.
ركود يضرب الأسواق
ثالثًا: تشهد الأسواق المحلية حالة من الركود الحاد، مع تراجع الطلب، وذلك بفعل فقدان ثقة المواطنين في الاستثمار في الذهب بسبب التلاعب في الأسعار، بعدما ارتفعت لمستويات تاريخية لامس فيها عيار 21 مستوى 4 آلاف جنيه في يناير الماضي، ثم تراجع إلى مسويات 3 آلاف جنيه.
وكانت قوت الأمن قد ألقت القبض على بعض تجار الذهب الخام وأغلقت وكالة الجواهرجية وهي مكان تمركز التجار، والتي أدت إلى وقف البيع والشراء لنحو أسبوعين، مع نهاية شهر يناير وبداية فبراير.
الأمر الذي عزز أيضًا من فقدان ثقة المواطنين في الذهب هو الخسائر التي تعرض لها أغلبهم، لاسيما الذين باعوا بأسعار أقل من أسعار الشراء، كما حُبست أموال كثير من المواطنين في الذهب، نتيجة الشراء في مستويات عالية لم يصل إليها السعر حتى الآن.
وهو بالأساس تصرف خاطئ من المواطنين الراغبين في الاستثمار، فالذهب استثمار طويل الأجل، ومن ثم فمن اشترى في مستويات عالية يجب عليه الانتظار حتى ترتفع الأسعار مرة أخر.
كما أسهم في تراجع الطلب، ترقب المواطنين لمزيد من التراجع في الأسعار، لاسيما مع استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء.
ويمكن أن يكون استحواذ الذهب على حصة كبيرة من أموال المصريين خلال الأعوام الماضية، لكن حصة كبيرة من الأموال اتجهت أيضًا للشهادات، كما أدى تنازل حائز الدولار للبنوك على طرح معروض نقدي كبير بالأسواق، وهو الأمر الذي لم يظهر داخل سوق الذهب، بل دفع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة عقب تحرير سعر الصرف لسحب السيولة كما سحب سيولة تتجاوز 4 تريليون جنيه من البنوك خلال الشهر الماضي، بغرض تقليل المعروض النقدي بالأسواق.
العودة للمشغولات
رابعًا: تراجع الطلب على السبائك والجنيهات بعدما استحوذت السبائك على أكثر من 90 % من حجم المبيعات داخل السوق خلال العاميين الماضيين وفقا لتصريحات بعض مصنعي وتجار الذهب لوسائل الإعلام، الأمر الذي وصل الأمر في بعض الفترات إلى “زيرو إنتاج للمشغولات”.
واتجه كثير من المواطنين لشراء السبائك والجنيهات بغرض الاستثمار، والتحوط من تراجع العملة، وهي ظاهرة أدت إلى ارتفاع الطلب بصورة غير مسبوقة ما دفع إلى تطبيق الشركات سياسة البيع بالحجز والتسليم لفترة وصلت إلى أسبوعين.
ويتجه السوق حاليًا لتصحيح مساره، وعودة المواطنين لشراء المشغولات الذهبية، لاسيما المقبلين على الزواج، لكن الطلب يشهد حالة من التراجع حاليًا بفعل انعدام الثقة، وكذلك تراجع القوة الشرائية للمواطنين.
إلغاء مبادرة زيرو جمارك
خامسًا، ألغت وزارة المالية العمل بمبادرة إعفاء واردت الذهب المصاحب للمواطنين العائدين من الخارج من الرسوم الجمركة باستنقء ضريبة القيمة المضافة والتي تمثل 14 % من قيمة المصنعية.
تقييد العمل بالمبادرة سيخلق حالة من تغير أسعار الذهب، ويمنح تجار الذهب الخام مزيدًا من السيطرة على التسعير داخل السوق المحلي، حتى لو تراجع الطلب، وتعرض السوق لنقص السيولة.
وكان مجلس الوزراء المصري، قد وافق في نوفمبر الماضي على مد العمل بالقرار رقم 1801 لسنة 2023، الخاص بمنح إعفاء جمركي لواردات الذهب من الجمارك، وذلك لمدة 6 أشهر تنتهي في 10 مايو 2024.
وأفاد مجلس الوزراء أن قرار تمديد إعفاء واردات الذهب يأتي لما أحدثه من مردود إيجابي في محاولة ضبط الأسواق واستعادة الاستقرار والتوازن للأسعار.
ووفقًا لبيانات وزارة المالية المصرية بلغت واردات مصر من الذهب المعفى من الرسوم الجمركية خلال الفترة من 11 مايو 2023 وحتى 10 مايو 2024 نحو 4.6 طن ذهب.
وعلى صعيد آخر يستمر قرار وقف استيراد الذهب للشركات في ظل سعى أزمة شح الدولار، توفير العملى الصعبة لاستيراد السلع الأساسية.