شهدت الأسواق المالية العالمية تحولًا واضحًا نحو الأصول عالية المخاطر خلال تعاملات الثلاثاء، في استجابة مباشرة لإعلان وقف إطلاق النار بين الكيان المحتل وإيران، والذي أنهى عمليًا 12 يومًا من التصعيد العسكري الذي غذّى التوترات الجيوسياسية وأضفى مزيدًا من الضبابية على المشهد الاقتصادي العالمي.
ورغم هشاشة الهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ أمس الثلاثاء، وسط تبادل الاتهامات بانتهاكها، فإن التدخل المباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسهم في تثبيت الاتفاق، بعد أن أعلن – خلال مشاركته في قمة لحلف الناتو في هولندا – مسؤولية إدارته عن “تدمير كامل للقدرات والمنشآت النووية الإيرانية”، مضيفًا عبر منصة Truth Social: “لقد كان شرفًا لي أن أدمّر جميع المنشآت والقدرات النووية، ثم أوقف الحرب!”
انعكست هذه التطورات سريعًا على حركة الأسواق، حيث تراجعت أسعار الذهب بشكل حاد، لتفقد بذلك كامل المكاسب التي حققتها نتيجة التصعيد العسكري، حيث هبط الذهب إلى مستوى 3326 دولارًا للأوقية، ليتراجع بذلك عن ذروة 3450 دولارًا عقب الضربة الإسرائيلية للمرافق النووية الإيرانية.
وتواصلت موجة التراجع لتطال باقي الأصول الدفاعية، حيث انخفضت الفضة لتكسر حاجز 36 دولارًا وتهبط إلى مستوى 35.85 دولار، وهو أدنى سعر منذ 6 يونيو، كما تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى مستوى 97.88، ليقترب من أدنى مستوياته في أكثر من عامين، على الرغم من كونه عادةً ملاذًا آمنًا في فترات الاضطراب.
في المقابل، قادت الأسواق الأسهم موجة صعود قوية، تعكس شهية متجددة للمخاطرة في ظل تراجع المخاوف الجيوسياسية، وقفز مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.58% إلى مستوى 22,225 نقطة، مقتربًا من مستويات قياسية، بينما صعد مؤشر S&P 500 بـ 1.19%، وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بـ 1.25%، في دلالة على تفاؤل واسع النطاق عبر مختلف القطاعات.
ويبدو أن ما تشهده الأسواق يتجاوز كونه “ارتدادًا فنّيًا” بعد انتهاء النزاع، إذ إن حجم المكاسب في أسواق الأسهم، متزامنًا مع التراجع المنسق في أصول الملاذ الآمن، يعكس تحوّلًا جذريًا في توجهات المستثمرين نحو مزيد من المخاطرة، مع انحسار حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
ومن المرجّح أن يستمر هذا التحوّل في الضغط على الذهب والمعادن الثمينة على المدى القريب، في ظل إعادة توجيه السيولة نحو الأصول ذات العوائد والنمو، والتي تم تجنّبها خلال فترة التصعيد.