حافظت أسعار الذهب على تداولها بالقرب من متوسطها المتحرك لـ 50 يومًا، مدعومة بتوقعات الأسواق بخفض شبه مؤكد لأسعار الفائدة خلال اجتماع سبتمبر المقبل، وفي حين تشير المؤشرات الفنية إلى استقرار نسبي، فإن البيانات الاقتصادية المنتظرة هذا الأسبوع قد تكون حاسمة في تحديد الاتجاه المستقبلي للمعدن النفيس.
ففي تداولات الأربعاء، ارتفعت الأسعار تدريجيًا لتستقر قرب مستوى 3325 دولارًا للأوقية، وهو المتوسط المتحرك الذي شكّل حاجز دعم رئيسي للسوق منذ بداية العام، وتُعد هذه الجلسة الثانية على التوالي التي يراوح فيها الذهب حول هذا المستوى دون اختراق حاسم، ما يشير إلى حالة من الترقب بين المتعاملين قبيل صدور بيانات النمو والتوظيف والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة يومي الخميس والجمعة.
على الجانب الجيوسياسي، تراجع الطلب على الملاذات الآمنة بعد إعلان هدنة بين إيران وإسرائيل، ما خفف من وتيرة التوترات التي كانت تدعم أسعار الذهب خلال الأسابيع الماضية، وفي هذا السياق، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تفاؤله بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق دائم مع طهران، في إشارة إلى احتمالات استئناف المفاوضات النووية، وهو ما سحب أحد المحفزات الرئيسية لتدفق رؤوس الأموال إلى الذهب.
في حين، يتعرض مؤشر الدولار الأمريكي لضغوط متزايدة، بعد فشله في الإغلاق أعلى متوسطه المتحرك لـ 50 يومًا عند 99.400، وقد سجل المؤشر أعلى مستوياته الأسبوعية عند 99.421 دون أن ينجح في كسر هذا الحاجز، وإذا ما كسر المؤشر مستوى الدعم الرئيسي عند 97.621، فمن المرجح أن يتجه إلى مزيد من الخسائر قد تمتد إلى حدود 95.137، خاصة مع تصاعد رهانات خفض الفائدة.
وتؤكد الأسواق الآن احتمالية خفض أسعار الفائدة في سبتمبر بنسبة تفوق 85%، بينما تشير العقود الآجلة إلى تخفيضات مجمعة تُقدَّر بـ 60 نقطة أساس بحلول نهاية 2025، وقد عززت تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، هذا التوجه، بعدما أكد خلال شهادته أمام الكونجرس أن البنك المركزي سيتحرك نحو التيسير النقدي إذا ما استمر التضخم في التراجع. كما أضافت التصريحات المتشائمة لبعض أعضاء الفيدرالي مثل بومان ووالر مزيدًا من الزخم لتوقعات السوق.
يُظهر الذهب علامات على فقدان الزخم الصعودي، بعدما فشل في الحفاظ على اتجاهه نحو إعادة اختبار قمته التاريخية عند 3500 دولار، ويبدو أن المستثمرين بدأوا في جني الأرباح، ما يعزز من احتمالات التراجع على المدى القصير.
ويُعد المستوى البالغ 3325 دولارًا للأوقية نقطة محورية في مسار الأسعار، وإذا لم تسجل بيانات الناتج المحلي والتوظيف والإنفاق مفاجآت سلبية، فمن المرجح أن تبقى الأسعار ضمن نطاق تداول محدود، مع مستويات دعم تالية عند 3228 و3166 دولارًا، ومع غياب محفزات جيوسياسية جديدة، أو ضعف حاد في الدولار، يحذر المحللون من احتمال انزلاق الذهب إلى مستويات قريبة من 2,900 دولار للأوقية في الأجل القريب.