شهدت أسواق الذهب العالمية تحولات في تأثير الطلب خلال السنوات الماضية، حيث تحول تأثير الطلب من الدول الغربية إلى دول منطقة الشرق الأوسط، بفعل التوترات الجيوسياسية وتراجع الأوضاع الاقتصادية ماد فع الأسواق للذهب للتحوط باعتباره الملاذ الآمن، وعلى الرغم من خروج ما يعادل 244 طنًا من الذهب من صناديق الاستثمار المتداولة خلال عام 2023 إلا أن إجمالي الطلب على الذهب وصل لمستويات شبه قياسية، أقل قليلًا من مستويات 2018.
وكشف تقرير مجلس الذهب العالمي أن مشتريات المصريين من الذهب سجلت نحو 57 طنًا خلال عام 2023، من بينها 30 طنًا من السبائك والجنيهات، وهي رابع أكبر عمليات شراء عالميًا، مدفوعة بانخفاض العملة المحلية وتوترات الشرق الأوسط.
قال جون ريد، كبير استراتيجي السوق لمنطقة أوروبا وآسيا في مجلس الذهب العالمي، إن إجمالي قيمة الذهب العالمي بنهاية عام 2022، والمتواجد فوق سطح الأرض بلغت 12 تريليون دولار.
وأوضح ريد على هامش مؤتمر نظمته شركة “إيفولف” القابضة للاستثمار مع مجلس الذهب العالمي في القاهرة، أن هناك عدة عوامل تؤثر في أسعار الذهب، حيث أظهر تحليل الطلب على الذهب أن 37% من إجمالي الطلب يتركز على المجوهرات والمشغولات الذهبية، في حين يمثل الطلب الاستثماري على السبائك والجنيهات الذهبية 38%، وهما وحدهما يمثلان ثلاثة أرباع الطلب، كما تمثل مشتريات البنوك المركزية 18%، والطلب الصناعي 7%.
قال، أندرو نايلور، مدير منطقة الشرق الأوسط والسياسات العامة في مجلس الذهب العالمي، إن العامين الماضيين شهدا ارتفاعًا في الطلب من الأسواق الناشئة، وفي منطقة الشرق الأوسط كانت السوق المصرية ارتفاع الطلب على السبائك والجنيهات بغرض الاستثمار، لتسجل رابع أكبر كمية من هذه الفئة عالميًا.
وأشار إلى ارتفاع الطلب الاستثماري على الذهب في تركيا، حيث أدت مبادرة البنوك لإطلاق نظام للودائع، يستهدف دفع أصل مبلغ الوديعة والعوائد عليها بالذهب إلى ارتفاع التداولات 60 ضعفًا في عام 2023.
وتوقع، نايلور أن يواصل الطلب على الذهب ارتفاعاته في ظل التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أن الطلب بالدول الغربية لم يعد هو المؤثر على أسعار الذهب بالأسواق العالمية، حيث انتقل التأثير إلى الدول الناشئة وآسيا بشكل أكبر، إذ يشير ترتيب أكبر الدول المشترية للذهب إلى أن القائمة تسيطر عليها بشكل كامل الأسواق الناشئة، في حين تبرز ألمانيا كأكبر بائع للذهب العام الماضي، وبالتالي فقدت السوق علاقة الارتباط التاريخية بين العائد على الدولار وسعر الذهب.
وقال ريد، إن الاقتصاد العالمي يواجه 3 سيناريوهات في عام 2024، سيكون لها مردودًا على أسواق الذهب، إلا أن أسوأها وهو استمرار الفيدرالي الأمريكي في سياسته النقدية المتشددة، وتأجيل خفض أسعار الفائدة، واستمرار التضخم، وسيكون تأثيره متعادلًا على الأسعار مع توقعات مستقبلية بالانخفاض، وهو احتمال يتراوح بين 5 إلى 10%.
أضاف، أن الاحتمال الأعلى وهو الهبوط الناعم، والبالغ حاليًا نسبته بين 45 و65% وسيكون تأثيره متعادلًا على الأسعار، مع توقعات بارتفاعات هادئة حتى عن المستويات الحالية.
ولفت، إلى أن تعرض الاقتصاد الأمريكي لحالة من الركود، وهو احتمال يتراوح بين 25 و55%، ومن ثم سيدفع أسعار الذهب لمستويات قياسية.