قال فيكتور بلفور، استراتيجي الاستثمار في روتشيلد لإدارة الثروات، إن الذهب يحقق في 2025 واحدة من أقوى موجات الصعود منذ عقدين، مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وعمليات الشراء من البنوك المركزية، بعيدًا عن تأثير الدولار أو أسعار الفائدة.
وأوضح بلفور في تحليل نُشر الثلاثاء أن المعدن النفيس ارتفع بأكثر من 25% منذ بداية 2025، وهو في طريقه لتسجيل ثالث عام على التوالي من المكاسب المزدوجة، وهي سلسلة لم تحدث منذ منتصف العقد الأول من الألفية.
وأضاف أن الصعود الأخير لم يكن مستقرًا ولا متوقعًا، مشيرًا إلى أن الذهب فقد ارتباطه بمحدداته التقليدية مثل العوائد الحقيقية والدولار، وأصبح الطلب مدفوعًا بالعواصف الجيوسياسية، من الحمائية التجارية إلى الصراعات الواسعة، ورغم ذلك، فإن الأسعار تتحرك عرضيًا منذ عدة أشهر.
الذهب كأصل استثماري
شدد بلفور على أن الذهب لعب دورًا استثماريًا محوريًا عبر التاريخ، باعتباره مخزنًا طويل الأمد للقيمة ووسيلة لحماية الثروة، كما مثّل “زر الذعر المالي” في أوقات الأزمات، مثل أزمة الديون الأمريكية عام 2011، أو الانهيار المصرفي في 2008، أو التضخم الجامح في 1979، حيث تفوق أداؤه على أسواق الأوراق المالية.
ورغم هذا السجل، أكد أن الذهب يظل صعب التقييم موضوعيًا، لافتًا إلى أن غياب العائد يجعل من المستحيل استخدام أساليب مثل خصم التدفقات النقدية لتقدير قيمته، وأضاف أن تكاليف التعدين الحالية ليست مرجعًا جيدًا للسعر، نظرًا لأن المعروض غير مرن، ومعظم الذهب المتداول موجود بالفعل فوق سطح الأرض.
العلاقة المعقدة مع الفائدة والدولار
أشار بلفور إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة عادة ما تضغط على الذهب بسبب غياب العائد، إذ تزيد تكلفة الفرصة البديلة مقارنة بالأصول “الخالية من المخاطر” مثل السندات الأمريكية. لكن في السنوات الأخيرة، تحرك الذهب على نحو غير اعتيادي صعودًا جنبًا إلى جنب مع ارتفاع العوائد.
وبالنسبة للدولار، أوضح أن العلاقة ليست دائمًا واضحة؛ فضعف الدولار هذا العام قد يفسر جزءًا من صعود الذهب، لكن في أواخر 2024، ورغم قوة الدولار التي كان يُفترض أن تكون عائقًا، واصل الذهب صعوده أمام جميع العملات الرئيسية.
دوافع بديلة ومخاطر قائمة
أضاف بلفور أن المخاطر الجيوسياسية وعمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية، لا سيما في الاقتصادات الناشئة مثل الصين، شكّلت عامل دعم إضافيًا، في إطار توجه نحو “التخلص من هيمنة الدولار”.
وأكد أن سياسات الرئيس ترامب الحمائية تعزز من مكانة الذهب كأداة تنويع نقدي، لكن بلفور حذر من عاملين قد يهددان استمرار الصعود:
-
قوة الاقتصاد الأمريكي: حيث يظل النمو عند مستويات مقبولة، والتضخم، رغم ارتفاعه، لا يزال ضمن نطاق يمكن السيطرة عليه باستثناء أثر الرسوم الجمركية، وهو ما قد يجعل دورة التيسير النقدي قصيرة، ويعيد الفائدة الحقيقية والدولار إلى الصعود، مما يحد من مكاسب الذهب مؤقتًا.
-
صعود البيتكوين والعملات الرقمية: إذ أصبحت هذه الأصول تُطرح كأداة تحوط ضد تآكل قيمة النقد، وإن كان بلفور يعتبرها غير مقنعة، مؤكدًا تفضيله الواضح للذهب، بوصفه أصلًا لحماية الثروة وليس وسيلة للثراء السريع.
اختتم بلفور بالقول إن الحجة الاستراتيجية للاحتفاظ بالذهب كاستثمار لا تزال قوية، مؤكدًا أن شركته ما زالت تعطي وزنًا أعلى نسبيًا للذهب ضمن المحافظ الاستثمارية، نظرًا لدوره كأداة سيولة للتنويع ومصدر للمرونة في أوقات اضطراب الأسواق.