حذّر الخبير الاقتصادي الدكتور جيمس ثورن من أن الولايات المتحدة قد تجاوزت الحد الفاصل الذي لا يمكن العودة بعده — في أزمة مالية غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن البلاد تتجه نحو إعادة تشكيل نظام نقدي عالمي جديد أشبه بـ“بريتون وودز 2.0”، حيث سيتم إعادة تقييم الذهب رسميًا إلى مستويات أعلى ليُستخدم في سداد الديون السيادية.
وقال ثورن، في مقابلة صحفية مع كيتكو نيوز الأمريكي، إن أزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي المستمرة منذ 40 يومًا إلى جانب تفاقم أعباء الدين الفيدرالي تمثلان علامات على نهاية مرحلة في تاريخ القوة الاقتصادية الأمريكية.
وأضاف:”مدفوعات الفائدة على الدين الأمريكي أصبحت الآن أكبر من الإنفاق العسكري… وهذه اللحظة عادةً ما تمثل إشارة إلى نهاية الإمبراطورية، لقد وصلنا إلى مرحلة يتعين فيها إعادة ضبط النظام بالكامل.”
وأوضح أن هذه “إعادة الضبط” ستكون على شكل سياسة تضخمية مقصودة لمعالجة المستويات المفرطة من الديون، التي وصفها بأنها توازي ديون الحروب النابليونية.
وتابع:”لماذا لا يقومون بإعادة تقييم الأصول؟ لماذا لا يرفعون قيمتها ويستخدمونها لسداد الديون؟… الناس سيدركون أننا نكتب الآن فصول بريتون وودز 2.0، وسيكون الذهب في قلب هذا التحول.”
“دورة الـ S&P 7500 العظمى”: فورة استثمارية يقودها الذكاء الاصطناعي
ورغم تحذيراته بشأن الدين العام، يتبنى ثورن رؤية شديدة التفاؤل تجاه الأسواق الأمريكية، متوقعًا أن يصل مؤشر S&P 500 إلى ما بين 7400 و7500 نقطة بحلول ربيع 2026.
ويرى أن السوق يعيش المراحل الأولى من أكبر دورة استثمار رأسمالي في التاريخ الحديث، مدفوعة بسباق عالمي على الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، وتطوير شبكات الطاقة.
وعن التحذيرات من فقاعة اقتصادية مشابهة لفترات سابقة، رفض ثورن هذه المخاوف قائلًا:”نحن نعيش في فراغ معلوماتي كامل؛ لا أحد يعرف القيمة الحقيقية للأصول الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي أو الخوادم أو السكك الحديدية في بداياتها… الفائز هو من يملك القصة الأكثر إقناعًا التي تُلهب خيال السوق.”
وأضاف أن تحديد القيمة الجوهرية لهذه التكنولوجيا قد يستغرق عقودًا، معتبرًا أن هذا جزء طبيعي من دورات الابتكار الاقتصادي.
“العقد الضائع” وعودة الفيدرالي إلى خفض الفائدة
يتوقع ثورن أن يستمر الازدهار الاقتصادي حتى عام 2031، مدعومًا بحوافز ضريبية بنسبة 100% على الإنفاق الاستثماري، لكنه يحذر من أن هذه الدورة ستنتهي بـ”انفجار” يعقبه عقد ضائع للمستثمرين.
وضرب مثالًا قائلاً:”قد يصل مؤشر S&P إلى 15 ألف نقطة في 2031، ثم لا يعود إلى هذا المستوى حتى عام 2041 — عقد ضائع من حيث العائدات الاستثمارية.”
ويرى أن المحرك الرئيسي للأسواق خلال هذه الفترة سيكون انعطافًا حادًا في سياسة الفيدرالي الأمريكي، مؤكدًا أن النظام المالي غير قادر على تحمل أسعار فائدة مرتفعة لفترة طويلة.
وقال:”البنوك المركزية تعتقد أن بإمكاننا التعايش مع أسعار فائدة مرتفعة، لكننا لا نستطيع. الفيدرالي سيضطر لخفض الفائدة إلى ما دون 2.75%، وربما إلى حدود 2%.”
الذهب والعملات الرقمية: انهيار الثقة في النظام الورقي
أكد ثورن أن الثقة في النظام النقدي الورقي قد تآكلت بشدة، ما جعل الذهب الوجهة الأولى للمستثمرين الباحثين عن الأمان.
وقال:”الناس سئموا من العملات الورقية، ولهذا يرتفع الذهب… لكن الأهم أن السلطات النقدية نفسها تبدو كأنها تسمح بذلك، بل ربما ترغب فيه.”
وأشار إلى أن سعر الذهب قد بلغ مرحلة من التسارع المفرط، متوقعًا أن يستقر مؤقتًا بين 4000 و4400 دولار للأونصة قبل استئناف صعوده نحو 5000 دولار على المدى القريب وحتى 8000 دولار بنهاية العقد.
غير أنه حذر من أن المرحلة السهلة من مكاسب الذهب قد انتهت، موضحًا أن “المال الكبير تم تحقيقه بالفعل”، وأن الفترة القادمة ستعتمد على قدرة شركات التعدين على التنفيذ والتشغيل بكفاءة، وهو ما اعتبره تحديًا صعبًا في صناعة مليئة بالمخاطر التشغيلية.
وأضاف:”الآن لم يعد الوقت لشراء أسهم شركات التعدين، بل للاحتفاظ بالذهب الفعلي… المستثمرون عليهم الاختيار بين الأصول المادية والأسهم شديدة الارتباط بحركات السعر.”
وفي ختام حديثه، أكد أن البيتكوين قد يكون المستفيد التالي من فقدان الثقة في النظام النقدي العالمي، لكنه لا يزال في مرحلة تماسك صعبة.
وحذر من أن:”حين ينكسر هذا النمط، سينطلق البيتكوين بسرعة خاطفة… في دقيقة واحدة في نيويورك، سيكون قد هرب من أيدي المترددين.”
















































































