شهد سوق المعادن النفيسة أداءً لافتًا خلال الأسبوع الماضي، حيث تصدّر البلاتين قائمة المكاسب محققًا ارتفاعًا بنسبة 3.62%، ليواصل مسيرة صعوده بأكثر من 35% منذ بداية العام، ووصلت الأسعار الفورية إلى نحو 1226 دولارًا للأوقية، بعد أن لامست مستوى 1300 دولار خلال تداولات الخميس.
ويرى محللو بنك أوف أمريكا أن هذه المكاسب تعود إلى مجموعة من العوامل أبرزها العجز في الإمدادات، والطلب القوي، خصوصًا من قطاع المجوهرات، إلى جانب الاستفادة من موجة ارتفاعات الذهب الأخيرة.
ارتفع الذهب بنحو 30% منذ بداية العام، ليحجز موقعه كثاني أكبر أصل احتياطي عالميًا بعد الدولار، متفوقًا على اليورو، بدعم من مشتريات البنوك المركزية، ورغم استقرار حجم الاحتياطيات عند مستوى 35 ألف طن – وهي نفس الكميات المسجلة منذ حقبة “بريتون وودز” – يرى المحللون أن هناك فرصة كبيرة للبنوك من زيادة مشترياتها من الذهب خلال الفترة المقبلة.
من جهة أخرى، أظهرت نتائج شركة “تشاو تاي فوك” الصينية تحسنًا فاق التوقعات، وهو ما يعكس مرونة الطلب الاستهلاكي على الذهب رغم ارتفاع الأسعار، مع توجه بعض الأفراد للشراء بهدف التحوط من استمرار الصعود.
مراكز مالية آسيوية تتحرك لتعزيز مكانتها في سوق الذهب
دخلت سنغافورة رسميًا سباق أسواق الذهب العالمية عبر إطلاق عقد ذهب آجل مقوم بالدولار الأمريكي من خلال بورصة Abaxx المدعومة من بلاك روك، ويتكون العقد من 1 كيلو جرام من الذهب (ما يعادل 32.15 أوقية) وقابل للتسليم محليًا، ويأتي ذلك في إطار تحركات أوسع من مراكز مالية آسيوية للاستفادة من تنامي الاهتمام العالمي بالذهب، وسيكون هذا الإطلاق من أبرز محاور النقاش خلال مؤتمر سوق الذهب الذي تنظمه رابطة الذهب السنغافورية.
تباين في أداء المعادن النفيسة: البلاديوم يتراجع والألماس تحت الضغط
في المقابل، تراجع البلاديوم بنسبة 2.44%، رغم أنه لا يزال يحتفظ بأعلى نسبة صافي شراء بين المعادن النفيسة هذا العام بنسبة 7.5%. وتشير البيانات إلى تحركات مضاربية محتملة في السوق، خاصة مع تزايد الضغوط المرتبطة بجهود إزالة الكربون.
أما قطاع الألماس، فقد تلقى ضربة جديدة بعد إعلان شركة “بترا دايموندز” عن نتائج ضعيفة للمزاد الأخير، ما يزيد من تعقيد مفاوضاتها لإعادة هيكلة الديون في ظل استمرار تحديات السوق.
وفي البرازيل، أعلنت شركة “هوخشيلد ماينينغ” عن تأخر الإنتاج في منجم “مارا روزا” نتيجة للأمطار الكثيفة ومشاكل المقاولين، مكتفية بإنتاج 25 ألف أوقية فقط حتى الآن، مع إعلان مرتقب لتعديل التوجيهات الإنتاجية.
فرص واعدة للذهب وسط ضبابية السياسات الأمريكية
في ظل الترقب لبيانات اقتصادية أمريكية مهمة وتوجهات الفيدرالي المقبلة، يرى محللو “كوتاك سيكيوريتيز” أن الذهب يمر بمرحلة تجميع، مع احتمالات ببلوغه مستوى 4000 دولار للأوقية بحلول أوائل العام المقبل، مدعومًا بمشتريات البنوك المركزية والتوترات العالمية.
ويتفق مع هذا الطرح بنك “سيتي غروب”، الذي يعتبر الذهب وبعض الأسهم غير الأمريكية أدوات تحوط فعالة ضد المخاطر الأمريكية، خاصة في ظل نقاشات التعديلات الضريبية. وقد رفعت “سيتي ويلث” مخصصاتها للذهب والأسهم الأوروبية والصينية لهذا الغرض.
وفي السياق ذاته، توقع المستثمر الشهير بول تودور جونز أن يتراجع الدولار بنسبة 10% خلال عام، مع انخفاض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن هذا سيشكل عامل دعم قوي لأسعار الذهب. وأوضح أن الدولار خسر بالفعل نحو 8% في 2025 نتيجة الفوضى التجارية وتغيرات العلاقات الدبلوماسية. كما حذر “جيفري جوندلاش” من ضغوط متوقعة على عوائد السندات طويلة الأجل بسبب ارتفاع تكلفة الديون الأمريكية.
تهديدات محتملة: ارتفاع التكاليف وتنظيمات جديدة في أفريقيا
حذّرت شركة “كاناكورد” من أن التوقعات المعدلة لشركة “إكوينوكس” لعام 2025 جاءت دون المتوقع بنسبة 11%، بينما ارتفعت التكاليف المستدامة بنسبة 23%. ويُعزى هذا التراجع إلى بطء الإنتاج في مشروع “غرينستون”، إلى جانب ضغوط تشغيلية في مناجم البرازيل.
إقليميًا، أعلنت تنزانيا عن مشروع قانون يلزم شركات التعدين الكبرى بتكرير وبيع 20% من إنتاج الذهب داخل البلاد، في خطوة لتعظيم العوائد المحلية. وفي مالي، وقّعت الحكومة اتفاقًا مع شركة “يادران” الروسية لإنشاء مصفاة ذهب بطاقة 200 طن سنويًا، لكن لم تُحدد بعد إلزامية التكرير المحلي للشركات الأجنبية.