ارتفعت أسعار الذهب مطلع الأسبوع الجاري فوق مستوى 4200 دولار للأوقية في تعاملات الثلاثاء، بعد أسبوع من اختراق المعدن النفيس لحاجز الأربعة آلاف دولار للمرة الأولى في تاريخه، وسط استمرار موجة الطلب الاستثماري القوية وتدفقات غير مسبوقة إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs).
وقال محللو سوسيتيه جنرال في أحدث تقرير بحثي للسلع إن الأسعار “مرشحة لتحقيق قفزة إضافية تصل إلى نحو ألف دولار خلال فترة وجيزة”، متوقعين أن يصل الذهب إلى 5000 دولار للأوقية بحلول نهاية العام المقبل، أي بزيادة تقارب 20% عن المستويات الحالية.
وأوضح البنك الفرنسي أن أسعار الذهب التي بلغت 4217 دولارًا للأوقية الأسبوع الماضي، أي بفاربسيط عن توقعه السابق عند 4318 دولارًا للربع الرابع من 2026، تجاوزت بالفعل كل افتراضاته السابقة، ومع استمرار قوة التدفقات إلى صناديق الذهب واستمرار شراء البنوك المركزية حول العالم، قرر البنك رفع أهدافه السعرية.
وأشار التقرير إلى أن وتيرة تدفقات الاستثمار في الذهب تجاوزت التقديرات السابقة بشكل ملحوظ، حيث سجلت تدفّقات إيجابية بنحو 100 طن خلال شهر واحد فقط، وارتفعت حيازات صناديق الذهب العالمية بواقع 23 طنًا في الأسبوع الأخير، في وقت تزايد فيه مستوى عدم اليقين الاقتصادي والسياسي عالميًا.
وأوضح المحللون أن مؤشر عدم اليقين الأمريكي الأسبوعي ارتفع إلى مستوى 354 نقطة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الأشهر الخمسة السابقة للانتخابات الأمريكية، بعد إعلان الصين فرض قيود على تصدير المعادن النادرة في 9 أكتوبر، ورد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعرفة جمركية جديدة بنسبة 100% على جميع الواردات الصينية.
وأضاف التقرير أن العلاقة القوية بين تدفقات الصناديق الاستثمارية ومستويات عدم اليقين السياسي تعزز الطلب على الذهب، مشيرًا إلى أن التوترات التجارية الأخيرة بين واشنطن وبكين دفعت المستثمرين للتحوّط عبر الأصول الملموسة.
كما أشار إلى أن حيازات الصين من الذهب في صناديقها الاستثمارية ارتفعت إلى 193 طنًا في سبتمبر مقارنة بـ189 طنًا في أغسطس، رغم تراجع مؤشرات الثقة التجارية.
ووفقًا لنموذج البنك المحدث لتسعير الذهب، فإن الأسعار مرشحة للوصول إلى 5000 دولار بنهاية 2026، مستندًا إلى فرضية زيادة صافية في الطلب بنحو 67 طنًا فصليًا فوق المتوسط المعتاد عبر جميع القنوات الاستثمارية، بما في ذلك البنوك المركزية وصناديق المؤشرات.
وأشار محللو سوسيتيه جنرال إلى أن هذه التقديرات “محافظة ومتحفظة نسبيًا”، وأن احتمالات الاتجاه الصعودي تبقى أكبر بكثير من مخاطر التراجع، لا سيما في ظل استمرار البنوك المركزية في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، وتزايد تدفقات المستثمرين نحو الذهب كأداة للتحوّط ضد التضخم والتوترات الجيوسياسية.
وبحلول منتصف الثلاثاء، واصل الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة، ليلامس 4217 دولارًا للأوقية، وسط تأكيد محللين في السوق أن الأسعار قد تشهد موجات تصحيح محدودة، لكنها لا تغيّر الاتجاه الصاعد العام المدعوم بتدفقات مؤسسية قوية وطلب رسمي متزايد.