سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والبورصة العالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين، بعدما لامست الأوقية أعلى مستوياتها على الإطلاق، مدعومة بقوة الطلبين الصناعي والاستثماري، إلى جانب استمرار العجز في المعروض العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
محليًا، ارتفعت أسعار الفضة بنحو جنيهين، ليصعد جرام عيار 800 من 86 إلى 88 جنيهًا، بينما سجل عيار 925 نحو 102 جنيه، وبلغ عيار 999 قرابة 110 جنيهات، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 816 جنيهًا.
وعالميًا، ارتفعت الأوقية بنحو 3 دولارات، لتسجل حوالي 70 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي لها، في ظل مزيج استثنائي من قيود المعروض الممتدة منذ سنوات، وتسارع الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية العام.
وأشار التقرير إلى أن الفضة حققت مكاسب تجاوزت 141% منذ مطلع 2025، متفوقة بفارق كبير على الذهب الذي ارتفع بنحو 69% خلال أحد أقوى أعوامه منذ عام 1979، وذلك ضمن موجة صعود واسعة شملت المعادن النفيسة كافة.
وجاء هذا الأداء القوي مدعومًا بتزايد توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأمريكية مرتين خلال عام 2026، في ظل مؤشرات على تراجع الضغوط التضخمية وضعف سوق العمل الأمريكي. ويسهم انخفاض أسعار الفائدة في تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ما يوفر دعمًا هيكليًا للمعادن النفيسة وفي مقدمتها الفضة.
كما شكّل ضعف الدولار الأمريكي عامل دعم إضافي، إذ يعزز جاذبية الفضة للمستثمرين الأجانب. ويتداول مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية، قرب مستوى 98.35 نقطة، متراجعًا قليلًا بعد بلوغه أعلى مستوياته في أسبوع بنهاية الأسبوع الماضي، ما عزز زخم صعود الفضة المدفوع أصلًا بطلب استثماري قوي.
وعززت تصريحات كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي والمرشح الأبرز لرئاسة المجلس، هذا الاتجاه، بعدما دعا إلى خفض تكاليف الاقتراض بما يصل إلى نقطة مئوية كاملة، محذرًا من تباطؤ نمو الوظائف واقترابه من الصفر، ومؤكدًا ضرورة تبني خفض مدروس للفائدة لدعم سوق العمل دون التسرع، في ظل استمرار بعض الضغوط التضخمية.
وفي هذا السياق، رجّح محللون وصول أسعار الفضة إلى 75 دولارًا للأوقية أو أكثر، مع احتمالات بتجاوز مستوى 100 دولار خلال العام المقبل، مدعومة بالتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وتزايد إنتاج السيارات الكهربائية، والطلب المتنامي من مراكز الذكاء الاصطناعي.
وعلى صعيد المعروض، لا تزال اضطرابات قطاع التعدين وتراجع المخزونات العالمية تدفع السوق نحو عجز كبير، وتشير تقديرات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن إلى أن عام 2025 سيكون الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض، مع تراجع الإنتاج بنحو 3% سنويًا نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات الجديدة. كما توقع معهد الفضة العالمي نمو المعروض بنسبة لا تتجاوز 2%، بما يبقي العجز قرب 20%.
وأوضح مركز «الملاذ الآمن» أن الفضة تحظى بدعم قوي من انخفاض المخزونات العالمية، إلى جانب الطلب المتزايد من قطاعات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية ومراكز البيانات، لافتًا إلى أن الأسعار أنهت عام 2025 عند مستويات قياسية، مع توقعات باستمرار العجز السنوي للعام الخامس على التوالي، ما يرجّح بقاء الضغوط الصعودية حتى عام 2026.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، لا تزال المخاطر مرتفعة، ما يدفع المستثمرين إلى التحوط. فقد أعادت التوترات المتجددة بين إيران وإسرائيل مخاوف التصعيد الإقليمي، في حين تسهم التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، خاصة فيما يتعلق بصادرات النفط، في تعميق حالة عدم اليقين العالمي. وفي الوقت نفسه، تتقدم الجهود الدبلوماسية بشأن الحرب في أوكرانيا بوتيرة بطيئة دون تحقيق اختراق حاسم.
ومع اقتراب نهاية العام، قد يؤدي تراجع السيولة إلى فترات من التماسك أو جني أرباح محدود بعد موجة الارتفاع الأخيرة، ومع ذلك، قد تلعب البيانات الاقتصادية الأمريكية المنتظر صدورها، بما في ذلك متوسط التغير في التوظيف وفق مؤشر ADP، والتقرير الأولي للناتج المحلي الإجمالي، وطلبات السلع المعمرة، والإنتاج الصناعي، وثقة المستهلك، دورًا حاسمًا في تحديد اتجاه أسعار الفضة على المدى القريب.
وبوجه عام، طالما استمرت التوقعات بسياسة نقدية توسعية، وضعف الدولار الأمريكي، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، فإن الاتجاه الأساسي لأسعار الفضة يظل إيجابيًا، رغم احتمالات حدوث تهدئة مؤقتة بعد تسجيل مستويات قياسية جديدة.
















































































