في ظل التوترات المتصاعدة بين كاراكاس وواشنطن من مطلع ديسمبر 2025، لم تعد أسواق الطاقة هي المتأثر الوحيد؛ بل خطف الذهب الأضواء عالميًا كبوصلة للأزمات، ومع تحرك أسعار الذهب لتلامس مستويات قياسية تقترب من 4,350 دولارًا للأوقية،[1] برزت الأزمة الفنزويلية كمحرك قوي لهذا الارتفاع، ليس فقط كملاذ آمن، بل كأصل استراتيجي في قلب الصراع.
الذهب كـدرع في مواجهة الحصار
بينما يطبق الحصار البحري الأمريكي الخناق على مبيعات النفط، لجأت حكومة نيكولاس مادورو في فنزويلا إلى احتياطيات الذهب كرئة اقتصادية بديلة، فمع تشديد العقوبات تصاعدت التقارير حول محاولات كاراكاس مبادلة الذهب بالوقود أو السلع الأساسية مع شركاء دوليين مثل إيران وروسيا،[2] وهو ما يضع ذهب فنزويلا في قلب معركة غسل الأموال، والالتفاف على العقوبات الدولية.
من جهة أخرى لا تزال أطنان من الذهب الفنزويلي محتجزة في خزائن بنك إنجلترا نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من بريطانيا وأمريكا، كان قرار وضع جزء من الاحتياطي الذهبي في بنك إنجلترا اتخذه الرئيس السابق هوغو تشافيز خلال فترة رئاسته من 1998-2013.
إن احتجاز نحو 31 طن من الذهب الفنزويلي[3] بقيمة سوقية تصل إلى أكثر من 4,3 مليار دولار أمريكي تمثل نقطة صراع قانوني وسياسي؛ حيث ترفض لندن تسليمها للنظام الحالي، ما يعزز فكرة الذهب كـسلاح سياسي يُستخدم للضغط وتغيير الموازين.
جنون الأسعار في ديسمبر 2025
شهد الأسبوع الثالث من ديسمبر 2025 طفرة في الطلب العالمي على الذهب نتيجة علاوة المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بفنزويلا، اخترق الذهب حاجز 4,330 دولارًا مدفوعًا بالمناوشات البحرية واحتجاز ناقلات النفط قبالة سواحل فنزويلا، حيث يفضل المستثمرون التخلي عن الأصول الورقية والعملات لصالح المعدن النفيس في أوقات التهديد العسكري.
وكلما زادت حدة تصريحات الإدارة الأمريكية حول العمل العسكري المحتمل، ارتفعت عقود الذهب الآجلة، ما جعل المعدن الأصفر الرابح الأكبر من تعثر الدبلوماسية في منطقة الكاريبي.
الذهب الفنزويلي والبيئة
لا تقتصر أزمة الذهب في فنزويلا على التداول الرسمي، بل تمتد إلى التعدين غير القانوني في مناطق الأمازون الفنزويلية (قوس أورينوكو للتعدين)، حيث تتنافس جهات مسلحة غير حكومية وعصابات محلية للسيطرة على عمليات التعدين الرئيسية، وقد استخدم نظام مادورو مؤسسات الدولة وقوات الأمن لإضفاء الشرعية على استخراج المعادن الذي يُعد في الأصل نشاطًا إجراميًا،[4] حيث يُستخدم الذهب المستخرج عشوائيًا لتمويل الجماعات المسلحة وتأمين البقاء المالي في ظل انهيار العملة المحلية (البوليفار)، هذا الذهب الذي يتسرب للأسواق العالمية عبر قنوات غير رسمية أدى إلى تشديد الرقابة الدولية على سلاسل التوريد، ما أضاف تعقيدات جديدة لتجارة الذهب في أمريكا اللاتينية.
هل يقود الذهب فنزويلا إلى الانفراج أم الانفجار؟
إن الذهب في الأزمة الفنزويلية لعام 2025 ليس مجرد أداة ادخار، بل هو وقود للمقاومة السياسية من جهة، وهدف للضغط الأمريكي من جهة أخرى، ومع استمرار الحصار البحري، من المتوقع أن يظل الذهب متقلبًا وحساسًا لأي أنباء قادمة من كاراكاس، حيث يترقب المتداولون ما إذا كان المعدن الأصفر سيصل إلى سقف 4,500 دولار إذا ما تحولت المناوشات إلى مواجهة مباشرة.
[1] Investing.com. (2025). “العقود الفورية للذهب دولار أمريكي- XAU/USD”. At: https://sa.investing.com/currencies/xau-usd
[2] BBC. (2020). “Venezuela files legal claim with Bank of England over gold”. At: https://www.bbc.com/news/world-latin-america-52733299
[3] Mayela Armas. (2019). “Exclusive: Venezuela removes 8 tonnes of gold from central bank – sources”, Reuters. At: https://www.reuters.com/article/us-venezuela-gold-exclusive/exclusive-venezuela-removes-eight-tonnes-of-gold-from-central-bank-sources-idUSKCN1RL247/
[4] Moises Rendon, Linnea Sandin, and Claudia Fernandez. (2020). Illegal Mining in Venezuela: Death and Devastation in the Amazonas and Orinoco Regions, CSIS Briefs. At: https://www.csis.org/analysis/illegal-mining-venezuela-death-and-devastation-amazonas-and-orinoco-regions

















































































