شهدت أسواق المعادن عامًا بالغ التقلب في 2025، لكنها أنهته بعوائد استثنائية تُعد من بين الأقوى منذ عقود، فقد تصدرت الفضة المشهد باعتبارها أفضل المعادن أداءً، مسجلة مكاسب تجاوزت 141%، تلاها البلاتين بارتفاع لافت بلغ نحو 120%، وفي الوقت نفسه، واصل الذهب مساره الصاعد الممتد لعدة سنوات، محققًا مكاسب قوية بنحو 65%، بينما سجل النحاس عائدًا معتبرًا للمستثمرين بلغ حوالي 35%.
وأظهر استطلاع Kitco News لأفضل المعادن لعام 2026 أن متداولي التجزئة يميلون بقوة إلى الفضة، مع استمرار الدعم الواضح للذهب، في حين يرى خبراء الصناعة أن البلاتين يمتلك فرصًا قوية للتفوق خلال العام المقبل.
وشارك في الاستطلاع 352 مستثمرًا من متداولي التجزئة، وأظهرت نتائجه أن غالبية المستثمرين الأفراد يتوقعون أن تعاود الفضة تصدر أداء المعادن في 2026، إذ رجّح 51% من المشاركين أن تكون الفضة صاحبة أفضل أداء، بينما توقع 29% أن يتصدر الذهب المكاسب، ورأى 10% أن البلاتين سيكون الأقوى، في حين اعتقد 11% أن النحاس قد يتفوق على بقية المعادن خلال العام المقبل.
وعلى مستوى وول ستريت، بدت النظرة العامة إيجابية تجاه الذهب والفضة، إلا أن عددًا من البنوك الكبرى وخبراء القطاع يعتقدون أن معادن مجموعة البلاتين، التي لا تزال دون قيمتها العادلة نسبيًا، قد تكون الرابح الأكبر في نهاية المطاف.
وفي تقريرها لتوقعات السلع لعام 2026، أشارت TD Securities إلى أن مزيجًا من خفض أسعار الفائدة، واستمرار تراجع قيمة العملات، وتغيرات جانب المعروض، إلى جانب الحاجة إلى التنويع، قد يدفع الذهب إلى تسجيل مستوى قياسي جديد يتجاوز 4400 دولار للأوقية خلال النصف الأول من العام. وبينما يُتوقع أن تهدأ أسعار الفضة إلى منتصف نطاق الأربعين دولارًا، ترى المؤسسة أن 2026 قد يكون عام تفوق البلاتين والبلاديوم.
وأكد محللو TD Securities أن احتمالات تعرض الذهب لهبوط حاد تبدو ضعيفة في العام المقبل، مرجعين ذلك إلى تراجع تكاليف الاحتفاظ بالمعدن بفعل سياسات الاحتياطي الفيدرالي، واحتمال زيادة انحدار منحنى العائد، فضلًا عن مخاوف تتعلق باستقلالية السياسة النقدية. كما أشاروا إلى أن القلق من استمرار التضخم فوق مستوى 2%، وتنامي الدين الأمريكي، قد يعزز عودة الاتجاه الصاعد للذهب.
وترى المؤسسة أن النطاق السعري طويل الأجل للذهب قد يستقر بين 3500 و4400 دولار للأوقية، معتبرة أن كسر هذا النطاق هبوطًا يتطلب عودة قوية لشهية المخاطرة في الأسواق الأمريكية أو تحسنًا واضحًا في سوق العمل يقلل فرص خفض الفائدة، ومع ذلك، تتوقع TD Securities ضعف سوق العمل، وصعوبة تعافي الأصول عالية المخاطر، إلى جانب خفض إضافي للفائدة قد يصل إلى 100 نقطة أساس أو أكثر خلال 2026.
وبخصوص الفضة، أوضحت TD Securities أن السوق انتقل من مرحلة شح حاد إلى وفرة كبيرة في المعروض، مع تسجيل أكبر موجة لإعادة ملء المخزونات الحرة في خزائن رابطة سوق السبائك بلندن (LBMA) على الإطلاق.
وأشارت إلى أن توافر أكثر من 212 مليون أوقية من الفضة قلل الحاجة إلى ارتفاع الأسعار لإعادة بناء المخزونات العالمية، ما يدعم توقعاتها ببدء العام في مسار هابط وصعوبة عودة الأسعار إلى مستوياتها الحالية، مع استهداف متوسط في نطاق الأربعين دولارًا للأوقية.
وفي المقابل، تبدو نظرة TD Securities أكثر تفاؤلًا تجاه معادن مجموعة البلاتين، حيث اختارت البلاتين والبلاديوم كأفضل رهاناتها السلعية لعام 2026، مع توقعات سعرية تفوق متوسط السوق بنحو 20%.
وأرجعت ذلك إلى متغيرات كلية داعمة، واستمرار اتجاهات التخزين، إلى جانب توقعات بارتفاع الأسعار وتشدد عقود الآجل وزيادة معدلات الإيجار.
من جانبها، حذرت Heraeus في تقريرها لتوقعات المعادن النفيسة لعام 2026 من أن الأسعار قد تشهد تصحيحًا أو حركة عرضية خلال الجزء الأول من العام، بعد الارتفاعات السريعة والقوية التي سجلتها في 2025. وأشارت إلى أن الزخم قد يتراجع، ما يفتح الباب أمام مرحلة تماسك قبل استئناف الصعود لاحقًا.
ورأت Heraeus أن الطلب الاستثماري، إلى جانب التدفقات الفعلية للمعادن نحو الولايات المتحدة، لعب دورًا في دعم الأسعار، مع الإشارة إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بالتحقيقات التجارية الأمريكية واحتمالات فرض رسوم جمركية على معادن مجموعة البلاتين، وهو ما قد يضيف مزيدًا من التقلبات للأسعار.
وتوقعت Heraeus أن يحافظ الذهب على أقوى قاعدة سعرية بين المعادن النفيسة في 2026 بدعم من مشتريات البنوك المركزية، وانخفاض أسعار الفائدة الحقيقية في حال استمر التضخم مرتفعًا، كما رأت أن ارتفاع أسعار الفضة يؤثر سلبًا على الطلب في عدة قطاعات، إلا أنها قد تستفيد مجددًا إذا استأنف الذهب صعوده.
وبالنسبة لمعادن مجموعة البلاتين، توقعت Heraeus أن يظل السوق في حالة عجز خلال 2026 رغم تراجع الطلب، مع استمرار ارتفاع معدلات الإيجار، ما يدعم احتمالات تحقيق مكاسب إضافية بعد انتهاء مرحلة التماسك، في المقابل، حذرت من أن أي ركود اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة قد يضغط على أسعار هذه المعادن.
وتقدّر Heraeus أن يتداول الذهب بين 3750 و5000 دولار للأوقية في 2026، مع توقع مرحلة استقرار نسبي بعد المكاسب القوية في 2025. كما تتوقع أن تتحرك أسعار الفضة في نطاق يتراوح بين 43 و62 دولارًا للأوقية، مؤكدة أنها ستظل أكثر تقلبًا من الذهب، وتتأثر بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية نفسها، أما البلاتين، فمن المرجح أن يتداول ضمن نطاق واسع بين 1300 و1800 دولار للأوقية خلال العام المقبل.














































































