شهدت أسواق الذهب العالمية ارتفاعًا قياسيًا غير مسبوق، حيث تجاوز سعر الأوقية حاجز الـ 4500 دولار أمريكي، مسجلًا قمة تاريخية جديدة مدفوعًا بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى، يأتي هذا الصعود الصاروخي في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق المحلية حالة من الهدوء في الطلب، مع تزايد عمليات البيع من قبل الأفراد، في مفارقة تعكس ديناميكيات فريدة للسوق المحلي.
الصعود العالمي: محركات الـ 4,500 دولار
قال عماد سعد، رئيس مجلس إدارة شركة أفريو جولد للذهب والمجوهرات، إن الارتفاع الأخير في أسعار الذهب يعود إلى عدة محركات رئيسية، أبرزها، التوترات الجوسياسية وتوقعات السياسة النقدية، ومشتريات البنوك المركزية، وصناديق الاستثمار.
أضاف، أن التوترات الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بالصراع بين الولايات المتحدة وفنزويلا، لعبت دورًا محوريًا في دفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب، مما أدى إلى تدفقات قوية نحو المعدن الأصفر.
أشار، إلى أن التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة الأمريكية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) عززت جاذبية الذهب، حيث أن انخفاض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا.
أضاف، أن البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها الصين، استمرت في تعزيز احتياطياتها من الذهب، حيث أشارت البيانات إلى أن الصين وحدها اشترت ما يقرب من مليار دولار من الذهب الخام من روسيا في نوفمبر الماضي، مما يمثل دعمًا قويًا لأسعار الذهب.
لفت، إلى أن الصناديق المدعومة بالذهب شهدت تدفقات نقدية كبيرة، مما يعكس ثقة المستثمرين المؤسسيين في استمرار الاتجاه الصعودي.
وفي هذا السياق، تتوقع مؤسسات مالية كبرى مثل جي بي مورجان أن يواصل الذهب مسيرته الصعودية، مرجحة أن يصل سعر الأونصة إلى مستوى 5,055 دولاراً بحلول الربع الرابع من عام 2026.
مفارقة السوق المحلي: هدوء الطلب وتزايد البيع
أشار سعد، إلى أن السوق يشهد “هدوءًا في الطلب” على الرغم من الارتفاعات المتتالية في الأسعار، ويعزو ذلك إلى أن الارتفاعات القياسية في الأسعار العالمية قد أدت إلى تراجع القوة الشرائية للمستهلك المحلي، بل وتزايدت في المقابل “عمليات البيع” من قبل الأفراد الذين يسعون إلى تحقيق أرباح من مدخراتهم الذهبية في ظل الأسعار المرتفعة.
أسعار محلية أقل من العالمية.. لماذا؟
لفت سعد إلى أن “أسعار الذهب المحلية أقل من العالمية”، وفسر هذا التباين بأنه استراتيجية تهدف إلى “تحفيز الطلب” في السوق المحلي، خاصة في ظل توجه الشركات نحو “تصدير الخام”.
أوضح، أن هذا التوجه رغبة السوق في الاستفادة من الأسعار العالمية المرتفعة للذهب الخام، مما يقلل من المعروض المتاح محلياً ويجعل سعر البيع للمستهلك المحلي أقل نسبيًا من السعر العالمي، كآلية لتشجيع حركة البيع والشراء الداخلية وتجنب الركود التام في ظل الأسعار القياسية.
ويؤكد هذا الوضع أن السوق المحلي يعمل بديناميكيات مختلفة عن البورصات العالمية، حيث تلعب عوامل العرض والطلب المحلية، واستراتيجيات الشركات المصدرة، دوراً حاسماً في تحديد الأسعار النهائية للمستهلك.


















































































