في خطوة استراتيجية من شأنها إعادة تشكيل خارطة تجارة المعادن الثمينة عالميًا، أعلنت وزارة التجارة الصينية عن بدء تطبيق نظام تراخيص صارم على صادرات الفضة اعتبارًا من يوم الخميس المقبل، الموافق الأول من يناير 2026، هذا القرار، الذي يأتي في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية توترات جيوسياسية متصاعدة، دفع بأسعار الفضة والذهب إلى مستويات تاريخية لم تُسجل من قبل.
نظام التراخيص الجديد: نهاية عصر “التصدير الحر”
من المقرر أن يحل النظام الجديد محل نظام التصدير الحر الذي كان معمولًا به سابقًا، وبموجب القواعد الجديدة، ستكون تراخيص التصدير متاحة فقط للشركات الكبرى المعتمدة من قبل الدولة، مما يضع قيودًا شديدة على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لن تتمكن من التصدير إلا بعد استيفاء شروط ترخيص معقدة وصارمة.
وتشير التحليلات إلى أن هذا القرار يندرج ضمن سياسة بكين الأوسع للسيطرة على المعادن الاستراتيجية، وضمان تلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة في قطاعي الطاقة الشمسية والتكنولوجيا المتقدمة، حيث تُعد الفضة مكونًا حيويًا لا غنى عنه.
انفجار في الأسعار: الفضة تقترب من 80 دولارًا والذهب من 4,555 دولارًا
استجابت الأسواق العالمية لهذه الأنباء بقوة، حيث سجلت أسعار المعادن الثمينة ارتفاعات حادة خلال تعاملات نهاية العام، فقد اقترب سعر أوقية الفضة من حاجز 80 دولارًا للمرة الأولى في التاريخ، محققًا مكاسب سنوية مذهلة تجاوزت 160%.
ولم يكن الذهب بمنأى عن هذا الزخم، إذ واصل المعدن الأصفر تحطيم الأرقام القياسية، متجاوزًا مستوى 4555 دولارًا للأوقية، ويأتي هذا الصعود مدعومًا بتوقعات خفض معدلات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل التوترات الجيوسياسية في مناطق مثل نيجيريا وفنزويلا.
نقص في المعروض العالمي
أجمع خبراء ومحللون على أن القرار الصيني سيؤدي إلى فجوة كبيرة في العرض العالمي للفضة مع بداية العام الجديد، وبما أن الصين تُعد من أكبر المنتجين والمصدرين للفضة في العالم، فإن تقييد صادراتها سيزيد من حدة العجز الذي يعاني منه السوق أصلاً بسبب الطلب الصناعي المتزايد.
التوقعات المستقبلية
تشير حركة الأسعار خلال الأسبوع الماضي إلى استمرار الزخم الصعودي في كلا المعدنين، ومع دخول القرار الصيني حيز التنفيذ في الأول من يناير، يتوقع مراقبو السوق أن تظل الأسعار تحت ضغط تصاعدي، مما قد يدفع الفضة لتجاوز حاجز الـ 100 دولار في وقت لاحق من عام 2026.
إن تشديد الصين قبضتها على الفضة ليس مجرد إجراء تجاري، بل هو رسالة واضحة حول رغبة بكين في تأمين مواردها الاستراتيجية في ظل صراع عالمي محموم على المواد الخام التي تقود تكنولوجيا المستقبل.















































































