في خطوة جديدة تعزز هيمنة الصين على سلاسل التوريد العالمية لمواد الصناعة الاستراتيجية، كشفت وزارة التجارة الصينية اليوم الثلاثاء عن اللائحة الرسمية للشركات المسموح لها بتصدير المعادن الحساسة خلال عامي 2026 و2027.
ويُنظر إلى هذا القرار، الذي ترقبت الأسواق صدوره بحذر، كعلامة على نهاية عصر “التصدير المفتوح” للموارد الحيوية، وتحول بكين نحو مركزية صارمة في إدارة ثرواتها المعدنية.
وأعلنت الوزارة أن الصين ستواصل إدارة صادرات المعادن الحيوية من خلال نظام تراخيص حكومية صارم، يتيح فقط للشركات الكبرى المعتمدة فرصة تصدير الفضة والتنجستن والأنتيمون في العامين المقبلين، في إطار ما وصفته ببناء “نظام إدارة متكامل” لتلك المواد ذات الاستخدامات الصناعية والعسكرية الحساسة.
الفضة.. التوسع العددي لا يخفي تشديد السيطرة
أظهرت القائمة الرسمية أن 44 شركة فقط مسموح لها بتصدير الفضة في 2026–2027، بزيادة بسيطة لا تتجاوز شركتين مقارنة بالفترة السابقة، وذلك بعد أن كان نظام التصدير السابق أكثر انفتاحًا لأعداد أكبر من المصدرين.
ورغم الزيادة العددية الظاهرية، فإن القيود المفروضة على التراخيص وشروط التأهيل – بما في ذلك متطلبات الإنتاج والقدرة المالية العالية – تعني عمليًا تركيز تدفقات الفضة العالمية في أيدي هذه الشركات الكبرى فقط، ما يحدّ من قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة في الأسواق الدولية.
ومع امتلاك الصين لحصة كبيرة من سوق الفضة العالمية، فإن هذا النظام الجديد يُتوقع أن يؤدي إلى اختناق في المعروض الدولي والدفع باتجاه ارتفاع الأسعار، وهو ما بدأ يتجلى بالفعل في الأسواق الفورية.

التنجستن والأنتيمون.. ترسيخ احتكار الكبار
فيما يتعلق بالمعادن الثقيلة ذات الاستخدامات الصناعية والعسكرية، أظهرت البيانات أن 15 شركة فقط مؤهلة لتصدير التنجستن و11 شركة لتصدير الأنتيمون خلال العامين المقبلين، وهو نفس عدد الشركات المعتمدة في القائمة السابقة دون تغيير يُذكر.
وتُعد هذه المواد مكوّنًا أساسيًا في الصناعات الدفاعية والتقنيات مزدوجة الاستخدام، ما يجعل التحكم في تدفقها أداة نفوذ استراتيجية لدى بكين.
نظام التراخيص الإلزامي يعني أن الصين تنتقل من مجرد مورد عالمي إلى منظم مركزي لأسواق المعادن الحرجة، مما يزيد من قدرتها على التحكم في الكميات المتاحة والوجهات المسموح لها بالتصدير.
مع بقاء عدد محدود من المصدرين المعتمدين، يصبح من الصعب على الأسواق العالمية التنبؤ بالإمدادات المستقبلية لهذه المعادن الحساسة، ويُحتمل أن يؤثر ذلك بشكل مباشر على أسعار الفضة والمواد المرتبطة بها في 2026 وما بعده.
تأتي هذه الخطوة في سياق توترات تجارية واقتصادية متزايدة بين الصين وشركائها التجاريين، لا سيما في ضوء استمرار السياسات الحمائية وتوترات سلاسل الإمداد العالمية.
من خلال تنفيذ نظام تصدير محكم، تبين أن الصين لم تكتفِ فقط بتقليص عدد الشركات المسموح لها بتصدير المعادن الحيوية، بل أضافت طبقات تنظيمية جديدة للتحكم في الموارد الاستراتيجية، مع انعكاسات واضحة على الاقتصاد العالمي وأسعار السلع الأساسية، ولا سيما المعادن التي تُعد عصبًا لصناعات الطاقة والتكنولوجيا الحديثة.

















































































