كردان سملك بسمك .
وجابلى الكردان على قدى تمام روح رجعه وهات العنب وعلى بياعين العنب.
الكردان العقد الذهبي ذو الأدوار حلم المرأة المصرية منذ ارتدى أجدادها أبناء حضارة البداري أول عقد عرفه التاريخ قبل ميلاد المسيح بألوف السنين.
في تلك الأزمنة السحيقة أحاط الرجال والنساء أعناقهم بأطواق وعقود ملضومة من الخرز والصدف والأحجار والريش وقطع المعادن التى لضموها في خيوط من الجلد والحبال ليحوطوا أنفسهم بأشياء وعناصر اعتقدوا بأنها تحميهم من الأرواح الشريرة والأمراض وقوى الطبيعة الغامضة والحشرات والحيوانات المؤذية بعد ذلك بدهور سيطلق أحفادهم على الحجاب الحامي الموضوع على الجسد تحويطة وضعوها في عقود وقلائد وأساور وخواتم أحاطوا بها أعضائهم أحياء وأموات وبقى هدف الحماية واحد من أهم أهداف لبس الحلى رغم تعدد وتنوع الأهداف مع التطور زينة، اكتناز، أو إظهار ثراء ، وحتى رمز لمعتقد أو فكرة.
كردان السملك بسمك الذي سنتحدث عنه رغم أنه من أجمل قطع الحلي الشعبي وأكثرها تميزًا صنع ليخدم الهدف الأقدم فالحلية التي استمدت اسمها من شكلها سملك أي الشئ الذي أملسه الصانع وأطاله مع شيئ من التدوير، وربما كانت الكلمة هى أصل المصطلح الشعبي دملك الذي يدل على الشيئ الممتلئ الملفوف او المدكوك، وبسمك أي أن التشكيل يوجد به سمك، وهو بالفعل إما سلسلة أو مجموعات من الخرزات الكروية المحذوفة التي يتخللها أحجار ملونة لمنع الحسد أو طرد الشر تتدلى منها سمكة كبيرة مجوفة ملحومة على هيئة علبة لتحتفظ بالحجاب أو التحويطة الحافظة للشخص أو للخصوبة وأحيانًا تكون لجلب الرزق وفي أغلب التصميمات تتدلى من السمكة الكبيرة عدة سمكات صغيرة يتخللها هلالات الحظ الإسلامية المقلوبة والمشغولة بطريقة الشفتشى ودوائر البرق المنقوشة بحروف وكلمات ويرصع بالحجارة المانعة للشر والعين، السملك بسمك كان رائجًا جدًا في بدايات القرن العشرين، وحتى السبعينات على الاخص في المناطق الريفية في بلبيس بالشرقية وأبو النمرس بالجيزة ولأنه ثقيل الوزن نسبيًا ولكونه مطلوب على الأغلب من الطبقات الشعبية الفقيرة والطبقة المتوسطة الدنيا فقد كان يصنع من النحاس المطلي بالذهب أو من الفضة بشكل أقل على الرغم بأن صياغته تتطلب الكثير من الجهد والمهارة للحفاظ على اتزان العناصر التصميمية وإيجاد ايقاع نغمي يبرز جمال التصميم لعل هذا هو سبب انقراضه مع انقراض أكبر مصنعين لصناعة الحلي المطلية فى مصر، الجمل والسمكة اللذين كانا قد تأسسا العام ١٩١٢ فى ذروة الأزمة الاقتصادية التى مرت بها مصر وازدهرا مع منع استيراد الذهب وتدهور الظروف .
لكن لماذا السمكة بالذات هي التي تحفظ التحويطة ؟هل لأن الحوت حفظ يونس في جوفه إلى أن أوصله لبر الامان أو أن الدلأمر أقدم من هذا بكثير ؟هو بالفعل أقدم ويعود إلى الديانة المصرية القديمة التي نصبت الآلهة حات محيت الهة للسمك وللحياة والحماية في منطقة منديس بمحافظة الدقهلية الحالية حات محيت كانت تصور إما على شكل سمكة أو امرأة تحمل سمكة على رأسها، أيضًا في مدينة إسنا التي أسماها اليونان لاتوبوليس أي مدينة السمكة كان لسمكة قشر البياض النيلي قداسة خاصة فهى رمز البعث وإعادة الحياة، أما البلطى فارتبط بعبادة الشمس ولذلك امتلات مقابر المصريين وزينتهم اليومية بتمائم الأسماك من الذهب والمعادن والأحجار المختلفة، ومن الخزف والعظم على الأخص إنها تزيل العقبات في زعمهم، وعندما حل العصر المسيحي اكتسبت السمكة رمزية أكثر تميزا فهى أحد رموز السيد المسيح واحد أشارات الى الايمان ومصدر للخير والبركة حتى إن القديس كليمندس السكندري أوصى بنقش السمكة على الأختام كما يزخر المتحف القبطى بالمذابح والايقونات والأدوات التي تحمل رسوم السمكة المرتبطة بالنماء والخصوبة والحماية في وجدان الشعب النيلي.
الان انقرض السملك بسمك ولم يعد الناس يرتدون الأحجبة والتمائم لكن جمالية هذه القطعة الفنية الرائعة تبقى مهيمنة كجمالية كل قطع الحلى المذهلة التى صنعها صناع ومبتكري الحلىدي في مصر عبر العصور .