سجلت أسعار الذهب قفزات قياسية خلال النصف الأول من عام 2025، مدعومة بجملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي عززت الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي والسياسات النقدية المتشددة، إضافة إلى تنامي التوترات السياسية والتجارية بين القوى الكبرى.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنسبة تقارب 23.5% خلال الأشهر الستة الأولى من العام، في حين تجاوزت مكاسب الذهب في الأسواق العالمية 26% منذ بداية العام حتى نهاية يونيو.
تحركات الذهب في السوق المحلية
أضاف، إمبابي، أن أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفعت بقيمة 880 جنيهًا خلال تعاملات النصف الأول من العام، حيث افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات في بداية يناير عند مستوى 3740 جنيهًا، ولامس مستوى 5000 جنيه، في يونيو ، واختتم تعاملات العام عند مستوى 4620 جنيهًا مع نهاية يونيو.
وسجل الذهب صعودًا تدريجيًا في السوق المحلية بالتوازي مع التحركات العالمية، مدفوعًا بعوامل داخلية تشمل:
-
تقلبات أسعار صرف الجنيه المصري مقابل الدولار،
-
زيادة الطلب المحلي على الذهب كوسيلة للتحوط من التضخم.
قفزات تاريخية في البورصة العالمية
أما على مستوى البورصة العالمية، فقد افتتحت أوقية الذهب تعاملات عام 2025 عند مستوى 2624 دولارًا، ثم صعدت بشكل مطرد لتسجل أعلى مستوى تاريخي لها عند 3500 دولار في 22 أبريل الماضي، مدعومة بالطلب القوي على الذهب كملاذ آمن، وسط تفاقم الأزمات الجيوسياسية، خاصة في شرق أوروبا والشرق الأوسط، واحتدام التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
واختتمت الأوقية تعاملات النصف الأول من العام عند 3308 دولارات، بزيادة قدرها 684دولارًا، مدفوعة بعدة عوامل، من أبرزها:
-
مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود تضخمي،
-
ضغوط الديون السيادية في الولايات المتحدة، وارتفاع العجز المالي،
-
استمرار البنوك المركزية، خاصة في الاقتصادات الناشئة، في شراء الذهب لتعزيز الاحتياطات،
-
وتراجع العائد الحقيقي على أدوات الدين الأمريكية رغم رفع الفائدة.
العوامل الداعمة لصعود الذهب
يشير محللون إلى أن أداء الذهب خلال النصف الأول من العام يعكس تغيرًا في سلوك المستثمرين والمؤسسات المالية، إذ بات الذهب يمثل خيارًا رئيسيًا للتحوط في ظل تصاعد عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة، والغموض حول السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي، خاصة بعد تباين إشارات مسؤولي البنك بشأن توقيت ووتيرة خفض الفائدة.
كما ساهمت التوترات السياسية، من الصراع الروسي الأوكراني، مرورًا بتوترات بحر الصين الجنوبي، إلى الملف النووي الإيراني، في تعزيز الإقبال على الذهب كأصل استراتيجي آمن يحافظ على القيمة في أوقات الأزمات.
توقعات النصف الثاني من 2025
رغم المكاسب الكبيرة التي حققها الذهب حتى الآن، لا تزال التوقعات بشأن النصف الثاني من العام محاطة بالحذر، إذ تعتمد على عدة متغيرات رئيسية، أبرزها:
-
اتجاه الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة، والذي سيؤثر بشكل مباشر على تحركات الدولار وعوائد السندات.
-
تطورات التضخم في الاقتصادات الكبرى.
-
حالة الأسواق المالية العالمية وسط تذبذب شهية المخاطرة.
-
واستمرار أو تفاقم التوترات الجيوسياسية.
ومع بقاء هذه العوامل قيد المتابعة، قد يواصل الذهب تسجيل مكاسب جديدة أو يدخل في موجة تصحيح جزئية، إلا أن الخبراء يجمعون على أن الذهب سيظل مدعومًا في المدى المتوسط، ما لم تظهر مفاجآت كبرى تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.