قال محللو جولدمان ساكس إن الذهب يختلف جذريًا عن السلع التقليدية مثل النفط، إذ لا يتم استهلاكه بل يُكدّس بمرور الوقت، وبالتالي فإن تحركات أسعاره ترتبط أساسًا بتغيرات الملكية وليس بعوامل العرض والطلب الاستهلاكي.
وأوضح البنك في مذكرة بحثية حديثة أن أسعار الذهب تتحرك أقرب إلى العقارات الفاخرة في مانهاتن منها إلى براميل النفط، وجاء في المذكرة: «لا يمكنك ضخ الذهب، لكن يمكنك المزايدة للحصول عليه من يد مالكه، الذهب لا يُستهلك، بل ينتقل من يد إلى أخرى ويُعاد تسعير، السعر يعكس ببساطة من هو الأكثر استعدادًا للاحتفاظ به ومن هو الأكثر استعدادًا للتخلي عنه».
وأشار المحللون إلى أن هذه الطبيعة تجعل الذهب مختلفًا عن باقي السلع، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار عادةً إلى تراجع الطلب، أما في حالة الذهب، فإن التوازن يتحقق عبر تغيرات الملكية لا عبر معادلة الإنتاج والاستهلاك.
مجموعتان من المشترين
بحسب جولدمان ساكس، هناك مجموعتان رئيسيتان من مشتري الذهب:
-
المشترون بقناعة: وتشمل البنوك المركزية، وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، والمضاربين الكبار، الذين يشترون بغض النظر عن السعر.
-
المشترون الانتهازيون: وهم الأفراد والأسر، خصوصًا في الأسواق الناشئة مثل الهند والصين، الذين يشترون فقط عندما تكون الأسعار جذابة.
ويرى المحللون أن الفئة الثانية توفر أرضية للأسعار عند التراجعات، بينما الفئة الأولى هي التي تحدد الاتجاه العام للسوق، تمامًا كما هو الحال في سوق عقارات مانهاتن حيث يرفع المشترون القادرون الأسعار بينما ينتظر الآخرون الفرص.
مخزون ضخم وإنتاج محدود
وذكر التقرير أن نحو 220 ألف طن من الذهب التي استخرجها البشر عبر التاريخ لا تزال موجودة، معظمها في الخزائن واحتياطيات البنوك المركزية أو في صورة مجوهرات، بينما يضيف الإنتاج السنوي الجديد بالكاد 1% إلى المخزون القائم، وبالتالي، فإن تغيرات الأسعار تقودها تدفقات المشترين ذوي القناعة الذين يرفعون قيمة الأصول القائمة.
وبحسب تقديرات جولدمان ساكس، فإن هذه التدفقات تفسر نحو 70% من تحركات الأسعار الشهرية للذهب، حيث تؤدي كل مشتريات صافية بنحو 100 طن من جانب المشترين الكبار إلى رفع السعر بحوالي 1.7%.
التوقعات المستقبلية
في منتصف يوليو، جددت جولدمان ساكس توقعاتها بوصول الذهب إلى 3700 دولار للأوقية بنهاية 2025، ثم إلى 4000 دولار بحلول منتصف 2026، مدعومًا بتدفقات صناديق الاستثمار والمشتريات القوية من البنوك المركزية، إلى جانب عمليات شراء كبيرة خارج الميزانيات الرسمية.
وأكد البنك أن تصفية المراكز المضاربية أفسحت المجال أمام عمليات شراء هيكلية، مشيرًا إلى أن دخول تدفقات جديدة في صناديق المؤشرات إلى جانب مشتريات البنوك المركزية أصبح يمثل ركيزة جديدة للطلب.
كما أعاد جولدمان ساكس توصيته بالاستثمار طويل الأجل في الذهب، موضحًا أن استمرار القوة في بعض الأسواق عبر المشتريات غير المعلنة يوفّر دعمًا إضافيًا للأسعار عالميًا.