قال رايان مكينتاير، الشريك الإداري في شركة Sprott Inc.، إن الذهب يواصل الاستفادة من الطلب القوي والمستقر للبنوك المركزية، إلى جانب التحول الأخير من جانب المستثمرين في أمريكا الشمالية وأوروبا نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs)، وهو ما قد يكون له أثر كبير بمجرد أن تستوعب الأسواق التداعيات المرتبطة بأزمة الدين الأمريكي.
طلب البنوك المركزية “ركيزة أساسية”
أوضح مكينتاير، في تصريحات صحفية، أن مشتريات البنوك المركزية من السبائك، والتي ارتفعت بشكل ملحوظ منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، لا تزال تشكّل عامل دعم رئيسي للسوق، سواء من حيث توفير أرضية للأسعار أو من حيث إرسال إشارات لباقي اللاعبين.
وأضاف:”لا يزال الطلب يمثل ركيزة أساسية كما كان خلال السنوات الثلاث الماضية”.
وأشار إلى أن التغيير الأكبر في العام الماضي كان من جانب المستثمرين الأفراد، حيث عادوا لزيادة مقتنيات الذهب المادية عبر صناديق الـاستثمار المدعومة بالذهب لأول مرة منذ سنوات بعد أن وصلت لمستويات متدنية في مايو 2024.
ارتفاع حيازات صناديق الذهب
ارتفعت حيازات الذهب في صناديق المؤشرات بنحو 11% منذ بداية العام، لكنها ما زالت أقل بـ17% عن ذروتها في أكتوبر 2020.
وأوضح مكينتاير أن “هناك مجالًا واسعًا قبل بلوغ قمة تاريخية جديدة”، لكنه أكد أن دخول المستثمرين الأفراد والمؤسسات معًا يمثل “قصة جديدة” في السوق.
وأشار إلى أن التحول هذه المرة عالمي، لكنه ملحوظ على وجه الخصوص في أوروبا وأميركا الشمالية، بعد أن ظل المستثمرون الآسيويون المشترين الأكثر ثباتًا على مدار سنوات.
قلق أمريكي متزايد
قال مكينتاير إن الأمربكيين، الذين اعتادوا الاعتماد على أسواق الأسهم الكبرى مثل S&P 500، بدأوا أخيرًا في إعادة تقييم المخاطر وسط اضطرابات داخلية.
وأضاف:”مع كل ما يجري في الحكومة الأميركية، أعتقد أن الناس بدأوا يتساءلون عن شبكة الأمان المتاحة لهم، والذهب بطبيعة الحال تاريخيًا هو الملاذ الآمن”.
أما عن سيناريو “الركود التضخمي” (stagflation)، فقال إنه لا يجزم بارتفاع أو انخفاض التضخم، لكن ما هو مؤكد أن “تآكل العملات سيزداد بغض النظر عن اتجاه الاقتصاد”.
الدين الأمريكي يلتهم النمو
اعتبر مكينتاير أن الوضع المالي للولايات المتحدة “غير مسبوق”، مع تسجيل عجز يقارب 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من نصفه يعود لخدمة الدين.
وأوضح:”إذا كان النمو الاسمي المتوقع 4% سنويًا والفوائد تستهلك أكثر من 3% من الناتج، فهذا يعني أن معظم النمو يتبخر في سداد الفوائد وحدها. وعندما يتجاوز العبء هذه الحدود، تصبح استدامة الدين أمرًا مستحيلًا”.
وأضاف، أن أخطر تهديد يواجه الدولار هو الحاجة لطباعة المزيد من النقود لتغطية العجز وسداد الدين، ما يعزز المخاطر السيادية ويفقد الأسواق الثقة تدريجيًا.
الرسوم الجمركية وفقدان الثقة في الفيدرالي
رغم أن ارتفاع الذهب الأخير إلى مستوى قياسي عند 3500 دولار للأونصة جاء في أجواء التوتر بشأن الرسوم الجمركية، إلا أن الأسواق باتت “متحصنة” ضد هذه الأخبار، وفقًا لمكينتاير.
لكنه حذر من أن الهجمات السياسية على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول أكثر خطورة، لأنها تمس مصداقية الدولار كعملة احتياطية عالمية.
وقال:”اليوم يركز المستثمرون على الفيدرالي وأسعار الفائدة أكثر من الاقتصاد ذاته، لأن الجميع – بما في ذلك الحكومة – مثقل بالديون”.
وأشار إلى أن فقدان الثقة في المؤسسات الاقتصادية، مثل الجدل الأخير حول بيانات الوظائف، يمثل خطرًا كبيرًا يصعب عكسه.
الذهب كخيار استثماري أساسي
أكد مكينتاير أن “جميع الطرق تؤدي في النهاية إلى الذهب” كملاذ آمن، موصيًا بأن يشكّل ما لا يقل عن 10% من صافي ثروة المستثمرين.
وأضاف أن ضآلة حجم سوق الذهب المادي تجعل أي تدفق استثماري كبير قادرًا على تحريك الأسعار بقوة، وهو ما شوهد مؤخرًا مع شراء البنوك المركزية وصناديق الـ ETFs.
كما أشار إلى أن استمرار خروج الأموال من أسهم شركات التعدين يعد إشارة على أن السوق ليس في “فقاعة”، حيث أن الحماس المبالغ فيه عادة ما يرتبط بتدفقات قوية في ذلك القطاع.
الفضة: الشقيق الأصغر للذهب
ورغم موقفه الإيجابي تجاه الذهب، يرى مكينتاير أن للفضة فرصة لا تقل قوة خلال العامين المقبلين، رغم افتقارها لجاذبية الذهب كملاذ آمن.
وقال:”الفضة عادة أكثر تقلبًا، لكن لأنها سوق أصغر، فإن تحركاتها قد تكون أكثر حدة، ولا أستبعد أن تحقق أداءً مساويًا للذهب على مدى 12 إلى 24 شهرًا”.