مع تسجيل الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق، يتسابق مالكو الحُلي القديمة والمجوهرات الوراثية في نيويورك لتحويلها إلى أموال نقدية — الأمر الذي تسبب في نقص كبير في السيولة النقدية داخل حي الألماس الشهير، وفقًا لما كشفته صحيفة “نيويورك بوست”.
في متجر Bullion Exchanges الواقع في 30 شارع ويست 47 بمنتصف مانهاتن — حيث تُعرض العملات الذهبية والمجوهرات خلف زجاج واقٍ سميك — كانت مجموعة من الزبائن قد دخلوا إلى المتجر، فيما اصطف آخرون على الرصيف المزدحم في الخارج.
داخل المتجر، وضعت امرأة شابة حفنة من الحُلي الذهبية تحت نافذة شبيهة بنوافذ البنوك، وبعد عشر دقائق، خرجت تحمل شيكًا بقيمة 3330 دولارًا.
وقالت للصحيفة:”هذه أول مرة أفعل شيئًا كهذا”، ورفضت الإفصاح عن اسمها وهي تهم بالخروج من الباب.
طلب غير مسبوق… وذهب يتجاوز 3,500 دولار للأوقية
صرّح بين تسيتلين، المدير التنفيذي لشركة Bullion Exchanges، أن الأعمال تسير “بسرعة جنونية” منذ أن تجاوز الذهب حاجز 3000 دولار للأوقية في مارس، وواصل ارتفاعه إلى 3500 دولار في أبريل، مدفوعًا برسوم ترامب الجمركية وضغوطه المتواصلة على رئيس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
وقد سُجّلت آخر تداولات الذهب عند 3,334 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت الفضة إلى أعلى مستوياتها منذ 13 عامًا، لتصل إلى 36 دولارًا للأوقية.
وفي ظل هذه الأسعار، تحوّل معظم زبائن حي الألماس إلى بائعين لا مشترين، وهو ما أدى إلى أزمة سيولة نقدية، حيث صارت معظم المعاملات تُسدد عبر الشيكات أو التحويلات البنكية، بينما يُمنع صرف أي مبلغ نقدي يتجاوز 2500 دولار.
وقال تسيتلين:”هذا سوق يسيطر عليه البائعون… لا نقدم مبالغ نقدية لأي صفقة تتجاوز 2500 دولار”.
حتى ساعات رولكس الذهبية تدخل السوق
يؤكد بول ألتييري، الرئيس التنفيذي لشركة Bob’s Watches — إحدى أكبر شركات بيع الساعات الفاخرة المستعملة في أمريكا — أن حتى ساعات رولكس المصنوعة من الذهب تشهد إقبالًا رغم أن أحدًا لا يشتريها بقصد إذابتها.
وأضاف:”لاحظنا مؤخرًا زيادة في عرض موديلات مثل رولكس داي-دايت وسبمارينر الذهبية ويخت-ماستر، والتي تحتوي على كميات كبيرة من الذهب”، مشيرًا إلى أن أسعارها تتراوح بين 25,000 و40,000 دولار، مدعومة بارتفاع سعر الذهب.
تجار الذهب في مأزق… والبنوك تُقيد الكاش
يحصل تجار الذهب المرخصون من بلدية نيويورك على تراخيص لشراء وبيع المعادن النفيسة، فضلًا عن تشغيل أفران خاصة لصهر الذهب والفضة والبلاتين وتحويلها إلى سبائك قابلة للتداول بدرجة حرارة تتجاوز 1000 درجة مئوية.
لكن الوضع اليوم يزداد تعقيدًا، يقول إفرايم إلياييف، الذي يدير متجر City Gold Jeweler في 20 ويست 47 ستريت مع والده:”ننفد من الكاش باستمرار، وهذا يُغضب الزبائن… نحصل على نفس الكمية من النقد التي اعتدنا الحصول عليها، رغم أن احتياجنا اليوم تضاعف”.
ويؤكد أن توفر الكاش يمكن أن يحسم الصفقة، حيث قد ينتقل الزبون مباشرة إلى متجر آخر إذا لم يحصل على ماله نقدًا. ويضيف تاجر آخر:”البنوك لا تريدنا أن نحتفظ بكميات كبيرة من الكاش… سيارات برينكس ولوميس تجلب المال مرة في الأسبوع فقط”.
توقعات غير واقعية… وسوق بيع أضعف للمجوهرات
كما أن بعض الزبائن يأتون بتوقعات غير واقعية. يقول ألون ميرزاييف من US Gold Refinery إنه استقبل زبونًا جاء بخاتمين ذهبيين “جديدين تمامًا” داخل علبتهما الأصلية، وقام بتحليلهما بجهاز كاشف للمعادن وأثبت أنهما من عيار 18.
“عرضت عليه 500 دولار بعدما رفض عرضي الأول البالغ 470… لكنه كان يريد 750 دولارًا، وغادر غاضبًا”.
في المقابل، يشعر بعض الصاغة القدامى بالإحباط، قال كيرتس لويس، تاجر مجوهرات من مقاطعة داتشيس شمال نيويورك:”الارتفاع في أسعار الذهب لا يخدمنا كبائعين… الناس لا يريدون دفع هذه الفروقات، ونحن نعمل بهوامش ربح ضئيلة جدًا”.
وأشار داني بور من متجر Mr. Jeweler إلى أن “فترة البيع ضعيفة حاليًا”، موضحًا أنه وافق على مساعدة إحدى عميلاته المخلصات بتفكيك سوارها الماسي الذهبي حتى تبيع الماس بشكل منفصل وتستفيد من قيمة الذهب أيضًا.
وعندما يشتري الزبائن… فهم يبحثون عن العملات
أما عندما يأتي الزبائن للشراء، فإنهم لا يبحثون عن مجوهرات بقدر ما يبحثون عن عملات ذهبية وفضية للتحوط من الأزمات.
أحدهم، روجر، متقاعد يبلغ من العمر 72 عامًا من ولاية كونيتيكت، خرج من المتجر ومعه 6000 دولار من العملات داخل كيس قماشي.
وقال:”هذه عملية تحوّط شخصية… أعيش وسط اقتصاد غير مستقر وأريد تنويع استثماراتي بأصول أكثر استقرارًا. العملات خيار جيد”.