لم تبدأ رحلة الماسة الصفراء الساحرة ذات 24.04 قيراط على عنق النجمة المثيرة مارلين مونرو، بل سبقها رحلة طويلة استحوذت على الكثير من الإهتمام.
ﻗﺒﻞ ﻧﺤﻮ 500 ﻋﺎم، ﻋﺜﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎرودا اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺳﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًا، كمثرية الشكل، كان وزنها نحو 25.95 قيراط قبل تقطيعها وصقلها، ليصبح 24.4 قيراط ، الماسة ذات لون اﺻﻔﺮ ﺷﺎﺣﺐ، وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ، اﻛﺘﺴﺒﺖ ﺻﻔﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ، وأطلق عليها ” قمر بارودا او مون اوف باردوا “، وﺗﻢ ﺗﻨﺎﻗﻠﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﺟﻴﺎل ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ، وﺛﻢ ﻓﻲ أوروﺑﺎ.
وظلت هذه الماسة محفوظة في قصر الملك المغولي محمد شاه في دلهي بالهند ، حتي استولى عليها “نادر شاه أفشار” الحاكم (1698- 1747) ، مؤسس الأسرة الفشارية التي حكمت ايران ، وتم سرقة الماسة في عام 1739 م ، ( كما سرق أيضًا ماسة كوهينور الشهيرة التي استقرت بعد ذلك في تاج ملكة بريطانيا)، عادت ماسة “مون اوف بارودا ” ، الي الامبراطورة ماري تيريز ملكة النمسا ، حتي عادت مرة اخري الي الهند عام 1787، لتستقر عند المهراجا جايكواد بارودا ” في مدينة جوجارات بالهند ، وتم الاحتفاظ بها لمدة 200 عام وحتي عام 1943 م ، ليشتريها بعد ذلك منه الجواهرجي ” مايير روزسبنوم ” من ديترويت.
وجذبت هذه الماسة التي تدعى Moon of Baroda أي قمر بارودا، ومضات عدسات الكاميرات وأبصار العالم في عام 1953، حين وضعتها النجمة مارلين مونرو آنذاك في افتتاح الفيلم Gentlemen Prefer Blondes وحينها غنّت مارلين أغنيتها الشهيرة Diamonds Are a Girl’s Best Friend، أي “الماس الصديق المفضّل للمرأة”، وقد أدت الماسة إلى انتعاش تجارة الألماس على خلفية ظهورها في الفيلم.
التصقت هذه الماسة بـ«مارلين مونرو» ولا أحد يستطيع أن ينساها أبداً.. فقد دخلت في مسار التاريخ مثل ذكرى «مارلين» نفسها!!
وتعد الألماسة بقطع الكمّثرى والتي تزن 24.04 قيراط ، هي أول ماسة تكتشف بهذا الحجم في أحد مناجم منطقة فادودارا، أو بارودا في الهند، وليس لأن حجمها كبير، بل لأنها الأكثر نقاءً من بين الماسات الصفراء التي اكتشفت حول العالم حتى الآن.
ولكن كان لماسة “قمر بارودا” تاريخ أعمق من ظهورها على عنق مونرو. و رغم أن الدليل الصريح لتاريخ الألماسة لم يعثر عليه، لكن معهد الجيولوجيا الأمريكي أشاد بأن الألماسة تعود إلى ما قبل القرن العشرين ميلادي، يعتقد أنها اكتشفت بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر ميلادي، وكانت ملكاً لأحد أعرق العائلات الهندوسية في بارودا وهي Gaekwads of Baroda.
رحلة قمر بارودا عبر السنين:
وحسب مصادر إحدى الصحف في عام 1953، فإن ماسة قمر بارودا انتقلت إلى ملكية سامويل ديوتش في عام 1944 وهو رئيس إحدى الورشات المهمّة في أوهيو لتقطيع الماس. وقام سامويل ببيع الماسة إلى ماير روزينباوم عام 1953، وهو رئيس دار مجوهرات ماير في ديتوريت في ميتشيجين، وفي ذات العام ظهرت مارلين مونرو ترتدي القلادة التي تزيّنها الماسة.
ووصفت إحدى المجلات ماسة قمر بارودا على أنها واحدة من ألمع الأمثلة لفن تقطيع الماس في التاريخ وذلك في عام 1966، فهي تعكس اللون الأصفر الكناري بألق وجمال، ضمن قطع الكمّثرى، وكانت ملكاً لعائلة نبيلة في الهند.
وعرضت الماسة للمزاد لدى دار كريستيز عام 1990 في مدينة نيويورك، وحصدت مبلغ 297 ألف دولار ما يقارب 3 أضعاف السعر المنخفض المقدّر. وفي عام 2008 عادت الماسة للأضواء بعد سنين طويلة حين عرضت في معرض “ديفاس” للألماس في بلجيكا.
وفي نوفمبر من عام 2018 وبعد عشرين عاماً أعيد عرض الماسة في دار كريستيز في هونج كونج مع صورة من توقيع مارلين مونرو، ولكن دون نتائج.