تثير قضية قانونية تشق طريقها عبر نظام المحاكم الفرنسي تساؤلات حول ما إذا كان الشخص الذي باع عملًا فنيًا أو قطعة أثرية تقرر لاحقًا أن لها قيمة أعلى بكثير يمكنه طلب تعويض إضافي.
وبدأت القصة بعد أن عثرت امرأة تبلغ من العمر 81 عامًا لم تذكر اسمها وزوجها البالغ من العمر 88 عامًا على قناع أفريقي أثناء تفريغ منزلهما القديم، وبينما ذهبت معظم محتويات المنزل للبيع، قرروا بيع القناع إلى تاجر تحف محلي، الذي وافق على شراء القناع مقابل 150 يورو، أو ما يعادل 157 دولارًا، خلال سبتمبر 2021.
وبعد أشهر، اكتشفوا من خلال قراءة الصحيفة أن قناعهم قد حقق نحو 4.2 مليون يورو ، ما يعادل 4.4 مليون دولار، في مزاد متخصص في مونبلييه، كما اتضح فيما بعد، كان قناع فانج نادرًا يستخدم في الطقوس في مجتمع سري أفريقي، وقد أعاد جد الزوج القطعة من الجابون، والذي كان حاكماً استعمارياً لأفريقيا في أوائل القرن العشرين.
ورفع الزوجان دعوى قضائية ضد تاجر التحف الذي يعتقدان أنه خدعهما، وبعد عدة خطوات قانونية وتحركات مضادة، قررت محكمة الاستئناف في فرنسا في 28 يونيو الماضي، أن قضيتهم ضد التاجر “تبدو قائمة على أساس جيد من حيث المبدأ” وقامت بتجميد عائدات البيع مع استمرار القضية، وتم تقديم الطلب من قبل محكمة الاستئناف في نيم، وأوردته صحيفة لوموند لأول مرة ، تواصلت “آرنت نيوز” مع فريدريك مانسات جافري، محامي الزوجين، للحصول على مزيد من المعلومات، لكنها لم تتلق ردًا حتى الآن.
وتعتمد حجة الزوجين على الاشتباه في أن التاجر كان لديه فكرة جيدة عن القيمة الحقيقية للشيء عندما اشتراه منهم. ولم يعرض تاجر التحف القناع في متجره، وبدلاً من ذلك اتصل بدار المزادات”دورووت”،فوف باريس”، اللتين قدرتا قيمته بحوالي 100 إلى 120 يورو، و400 إلى 600 يورو على التوالي.
ورغم أن هذه التقييمات التي قدمها اثنان من بائعي المزاد، فقد ذهب للحصول على رأي ثالث من بيع متخصص للأشياء الأفريقية في مونبلييه، بعد طلب التحليل باستخدام التأريخ بالكربون وقياس الطيف الكتلي، وتم تأريخ القناع إلى القرن التاسع عشر وكشف تقييم خبير في علم الأعراق أنه تم استخدامه في طقوس التطهير من قبل مجتمع نجيل، وهو مجتمع سري كان يعمل داخل مجموعة فانج العرقية في الجابون حتى العشرينيات.
وعرضت دار المزاد القناع للبيع بسعر يتراوح بين 300 و400 ألف يورو، وتم وتم بيع القناع بمبلغ 4.2 مليون يورو، أي ما يعادل 4.4 مليون دولار، في مزاد في مارس 2022.
وفقًا لسجلات المحكمة التي استعرضتها صحيفة ” آرت نت ” وترجمتها من الفرنسية : “لذلك فإن هذه القطعة من خشب الجبن المطلي بالكاولين تعتبر استثنائية من حيث ندرتها، حيث من المعروف أنه لا يوجد سوى اثنتي عشرة عينة مرجعية أخرى في جميع أنحاء العالم، في المتاحف والمجموعات الغربية”،
ويعتقد محامي الزوجين أنه من الممكن إلغاء عملية البيع بسبب خطأهما في الاعتقاد بأن القناع “لا قيمة له”، حسبما ذكرت صحيفة لوموند، وأشارت الصحيفة إلى حالات أخرى مثل أصحاب لوحات “نيكولا بوسان” التي نسبت خطأً إلى رسام أقل شهرة قبل أن يتم التحقق منها لاحقًا، مما أدى إلى إلغاء تلك العقود وحصول أصحابها على تعويضات.
و مرت القضية بالفعل بعدة مراحل، حيث عرض تاجر التحف في البداية التسوية خارج المحكمة من خلال دفع مبلغ 300 ألف يورو،ما يعادل315 ألف دولار، للزوجين مقابل القناع، لكنهما لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق بسبب معارضة أطفال الزوجين، وفقًا لوثائق المحكمة.
ثم رفع الزوجان قضيتهما أمام المحكمة القضائية في “أليس” للحصول على أمر قضائي لمصادرة عائدات البيع بالإضافة إلى التعويضات، وأجازت محكمة “أليس” في البداية الحجز الوقائي الذي نفذه بنك إقليمي في جنوب غرب فرنسا في مايو 2022، لكن المحكمة الابتدائية انحازت في النهاية إلى تاجر التحف، وأعادت الأموال إليه، وأمرت الزوجين بدفع تعويضات له ورسوم أخرى بمبلغ 3000 يورو، ما يعادل 3148 دولارًا.
واستأنف الزوجان الحكم أمام المحكمة العليا في نيم في نوفمبر من العام نفسه، وادعى الزوجان، وفقًا لوثائق المحكمة، أن “المدعى عليه هو تاجر سلع مستعملة ويقدم بشكل لا لبس فيه خدمة تقييم على موقعه على الإنترنت”.
“فقط شخص لديه معرفة كاملة بسوق الفن هو القادر على إجراء عملية بيع من خلال دار مزادات، بعد أن يطلب خبرة الكربون 14 ويستعين بخبير في الأقنعة الأفريقية.”
ويزعم الزوجان أيضًا أن تاجر التحف تآمر مع البستاني، الذي تقاسم معه عائدات البيع، لتحديد معلومات مصدر القناع قبل الاقتراب من دور المزادات.
وأوضح الدفاع بأن التاجر”هو تاجر أشياء مستعملة وليس تاجر تحف ولا يمكن اعتباره متخصصًا في التقييم، ليس لديه أي معرفة بالفن الأفريقي”. وأضافوا أنه طلب تقييمات الخبراء بمبادرة من البائع بالمزاد، وليس لأنه كان لديه سبب للاعتقاد بأن لها قيمة أكبر.
ورغم أن القضية لا تزال مفتوحة، فقد أعادت محكمة الاستئناف أمرها بمصادرة عائدات البيع، والتي تبلغ 3.1 مليون يورو، بعد خصم التكاليف وضريبة الأرباح الرأسمالية – حتى صدور الحكم.