يمتد شارع الصاغة من بداية تقاطع شارع جوهر القائد (الموسكى) إلى مستشفى السلطان قلاوون، وبها حارات مرتبطة بها تتم بها صناعات مكملة، مثل حارة الصالحية، ووكالة الجواهرجية، ووكالة أبو الروس، وحارة اليهود، وخان أبو طاقية.
تقع وكالة الجواهرجية، على الجانب الأيسر من امتداد شارع المعز لدين الله الفاطمي، وتعد إحدى المواقع الرئيسية بمنطقة الصاغة، بل المطبخ الحقيقي لسوق الذهب في مصر.
شهدت عمليات التسعير بالأسواق خلال تعاملات أمس السبت، حالة من عدم الاستقرار مع إعلان بعض قنوات التسعير عن وقف الأسعار، بل وإعلان آخرين بصورة مفاجئة بأن السوق إجازة، أو كما قال بعض التجار على منصة تليجرام ” مفيش أسعار اليوم لحين الإعلان عن الأسعار من قبل المختصين”.
وبعد التواصل مع عدد من التجار، تبين قيام حملة أمنية بإغلاق الأبواب الرئيسية لوكالة الجواهرجية، وتفتيش إحدى محال واحد من أكبر التجار، دون معرفة الأسباب الحقيقية لذلك.
بغض النظر عن الأسباب التي أدت لغلق وكالة الجواهرجية، نحاول أن نرصد مدى تأثير ذلك على قوة السوق، وهل غلق الوكالة يؤدي لغلق حركة التعاملات في سوق الذهب.
وكالة الجواهرجية هي الإدارة الفعلية في سوق الذهب في مصر، حيث تضم أكبر تجمع لتجار الذهب الكسر والخام، أو ما يعرف بـ”المسوقجية”، فهي الفئة التي تمتلك السلعة وتضع السعر، بغض النظر عن كون السعر يحدد من خلال الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار والعرض والطلب، لكنهم الفئة الفاعلة في التسعير، لأن الأسعار الحقيقية هو الأسعار القابلة لتنفيذ عمليات البيع والشراء، الذي يحدده مالك السلعة.
غلق وكالة الجواهرجية بمثابة غلق فعلي لكل مَحَالّ الذهب من الإسكندرية لأسوان وكل محل في كل قرية ونجع.
لتجارة الذهب طبيعة خاصة، فالذهب رأس مال التاجر، ومن ثم يجب أن يعوض التاجر ما يبيعه للعميل فورًا وبنفس الأسعار، وهو ما يطلق عليه بلغة السوق”القطع”، فلو باع التاجر سواء كان في القاهرة أو أسوان 100 جرام ذهب في محله، يجب أن يقطع أو يشتري ما باعه فورًا من وكالة الجواهرجية في الصاغة، وعبر ما يعرف بـ” الحوالات” يتم تحويل هذه الخامة لشركة التصنيع لمصلحة التاجر للحصول على المشغولات، فهم بمثابة بنك فعلي في سوق الذهب.
ومن ثم غلق هذه الوكالة هو غلق فعلي لحركة السوق، ومن يبيع من التجار لا يستطيع التعويض، وهو ما قد يدفع البعض لغلق محلاتهم، في وقت الأزمات، أو الاستمرار والبيع في نطاق محدود، وبأعلى سعر، حتى لا يتعرض للخسارة في حالة ارتفاع الأسعار مع افتتاح السوق، وهذا حقه، والفئة الثانية هم من يحتاجون للسيولة من التجار، فلن يعرض أحد رأس ماله لخسارة.
قد يكون لهذه الحادثة تداعيات على حركة الأسعار والمعروض بالسوق، فالتاجر المذكور من كبار تجار الذهب الخام، وكما كنا فالمسوقجية بمثابة “بنك”، له وعليه ذهب خام للمصنعية وتجار الجملة والتجزئة.