تحتفل مجوهرات بايوكي بمرور 160 عاما على وجود العائلة في مصر، حيث قدم الجد الأكبر”وينسيسلاو بايوكي”، عام 1864م، مع بداية حكم الخديوي إسماعيل.
وقال بيترو بايوكي “أنا صائغ مصري وتاريخي وحياتي كلها في مصر ولن أعود إلى إيطاليا، وتعبت كثيرًا ، حتى أحصل على الجنسية المصرية، وحصلت عليها بضغط من الإيطاليين”.
نشأة عائلة بايوكي
أشار خلال ندوة أقامتها مدرسة خزانة للتراث، إلى أن جذور العائلة تعود إلى روما، وكان جد جده ” وينسيسلاو بايوكي”، يعمل في الصياغة، كما اشتهر بأعمال التصوير النحتي، قبل ظهور التصوير، حيث عمد إليه نحت وجوه الملوك والأمراء، ومن بينهم بابا الفاتيكان جريجوري السادس عشر، وأميرة أسبانيا.
أضاف، أن العائلة عملت على مدار عدة أجيال في صناعة المجوهرات، وتعاملات مع عائلات ملكية شهيرة من بينها الخديوي وعائلة محمد علي، وملك إيطاليا، وعائلة الرئيس السادات والرئيس مبارك، وشاه إيران، وملك ليبيا.
أشار إلى أن جده السابع “فرانشيسكو بايوكي” كان وزيرًا للتموين، ولذلك كان الشعار الخاص بالاسرة كان يدًا تمنح أموالًا.
أوضح، أن جده “وينسيسلاو بايوكي” ولد عام 1839م، وعمل في الحرف التراثية ونحت البورتريه على الخامات المختلفة، وكان يعيش في دولة مسيحية بابوية، ولكنه كان رجلًا ليبراليًا علمانيًا، ولم يستطع العيش تحت نظام ديني، وفي عام 1848 تعرضت روما لثورة أدت إلى رحيل البابا، وتحولت إيطاليا من الحكم الباباوي إلى الحكم الجمهوري، وكان من المحاربين فيها.
يذكر أن حرب الاستقلال الإيطالية الأولى اندلعت ضد الحكم النمساوي في 23 مارس 1848 واستمرت حتى 22 أغسطس 1849، تحت حركة توحيد إيطاليا، لكنها استمرت مدة عاميين، وعاد البابا مرة أخرى للحكم، بمساعدة الفرنسيين وبالتحديد نابليون الثالث.
أشار، إلى أنه مع عودة البابا مرة أخرى، منع “وينسيسلاو بايوكي” من العمل مع الفاتيكان أو الجهات الحكومية، وتم التضيق عليه، فعمل مدّة مدرسًا بإحدى المدارس في تعليم مهنة الذهب والصياغة، ثم قرر الهجرة مع ابنه الأكبر ميشيل، والابن الأصغر باولو إلى أمريكا في 22 أغسطس عام 1860م، ولسوء حظه قامت الحرب الأهلية في أمريكا، وارتفعت الأسعار بصورة غير مسبوقة، وارتفع سعر قنطر القطن من 12 دولارًا، إلى 64 دولارًا.
في هذا التوقيت كانت مصر تشتهر بصناعة القطن، وتأسست أول في بورصة للقطن في العالم عام 1864م.
الهجرة إلى مصر
أشار، إلى أن”ميشيل بايوكي” قرر السفر من أمريكا والعيش في مصر عام 1864م، كأول فرد من العائلة يأتي للعيش في مصر، وكان دراسًا للميكانيكا ولديه خبرة في تصنيع بنادق صيد، ما أهله لتأسيس شركة ميشيل بايوكي لتصنيع الأسلحة، كما كان يستورد أسلحة للخديوي إسماعيل.
أضاف، أن بولو بايوكي هاجر إلى مصر عام 1874م، وأسس ورشة صغيرة لتصنيع المجوهرات والساعات والنظارات الذهب، وفي عام 1900 افتتحت العائلة التي تضم 3 أفراد، أول محل لها في شارع باب الحديد، المعروف اليوم باسم شارع الجمهورية، وكان يربط بين محطة مصر وقصر عابدين، إذ كان من أهم شوارع مصر، ويضم أفخم المحلات التجارية، كما كان يضم فندق شبرد، أهم فندق في مصر وأفريقيا في وقتها.
كان يطلق عليه شارع الجمهورية في البداية اسم “باب الحديد” ثم شارع نوبار باشا ثم شارع إبراهيم باشا.
محل بايوكي في شارع الجمهورية
أشار بايوكي، إلى أن الزعيم مصطفى كامل، كان من أهم عملاء جده “باولو”، وتعرف عليه من خلال طبيب الأسنان الذي كان صديقًا في نفس الوقت للزعيم مصطفي كامل.
أضاف، أن مصطفي كامل كان يعشق ارتداء الساعات، وأهدى العائلة بورتريه زيتي، معلق بالمحل حتى الآن.
افتتاح الفرع الثاني للعائلة
أوضح، أنه في عام 1915 افتتحت العائلة الفرع الثاني وهو المحل الكائن حتى اليوم بشارع عبد الخالق ثروت بوسط البلد، وبالقرب من دار الأوبرا، كان الشارع خاص بالبنوك وقتها وكان يطلق عليه في السابق شارع المناخ، وقرب من دار الأوبرا.
وقال بايوكي،إن أول كارت للمحل كان يدون بالثلاث لغات، اللغة الفرنسية وكانت أهم لغة في مصر حتى النصف الأول من القرن العشرين، ثم اللغة الإنجليزية ثم اللغة العربية.
وفي عام 1922 توفى أحد الأخوة الثلاث، ورحل الأخر إلى إيطاليا، ومن ثم اغلق محل العائلة في شارع الجمهورية.
مجوهرات توت عنخ آمون
في عام 1922 اكتشفت مقبرة توت غنح آمون، واتجهت أنظار العالم إلى مصر، وقال بايوكي ” جدي بولو أول صائغ صنع مجوهرات مستوحاه من الرموز الفرعونية في مصر، مع اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، وصاغها من الذهب، واستخدم فيها الأحجار الكريمة، وهو أول من استخدام الخرطوشة الفرعونية في المجوهرات وطرحها في الأسواق”.
تابع، “ومع بداية حقبة الثلاثينيات كنا أيضًا أول من صاغ العملات المصرية القديمة في قطع من الذهب والمجوهرات، وعملتها بعد ذلك درا “بولجاري” الشهيرة خلال حقبة السبعينيات”.
اعتقال الجواهرجي رؤوال بايوكي
وأشار، بايوكي، إلى أنه مع قيام الحرب الثانية عام 1940م، وإعلان إيطاليا الحرب على فرنسا وانجلترا لأنها كانت مع الحلفاء ألمانيا واليابان، بدأت حرب بينهما في صحراء مصر وليبيا، وكانت مصر حينها تحت الاحتلال الإنجليزي، وفي هذه الفترة أصدرت السلطات الإنجليزية أوامر باعتقال كل الجالية الإيطالية في مصر، بنحو 10 آلاف إيطالي، ومن بينهم والده “رؤوال بايوكي” واستمرت فترة الاعتقال مدة أربع سنوات في معسكر فايد أو جنيفة، كما تم إغلاق المحل ووضعه تحت الحراسة.
وقال،”عاش والدي لمدة 4 سنوات في خيم وفي ظروف قاسية للغاية”.
الست مع أم كلثوم
لفت إلى أنه فترة حكم الرئيس عبد الناصر، شهدت مصر حالة من الركود غير المسبوق في تجارة الذهب والمجوهرات، وكانت العميلة الوحيدة للعائلة خلال هذه الفترة، كوكب الشرق أم كلثوم.
أوضح، أن الست أم كلثوم كانت لا تشتري مجوهرات جديدة، بقدر ما تقوم بتعديل وإعادة صياغة بعض قطع المجوهرات التي تُهدى إليها، ولم تكن تلق قبولًا لديها”.
واستعرض بايوكي خلال الندوة بروش من المجوهرات، صممه والده لكوكب الشرق أم كلثوم، وكان مستوحاة من أطباق الفاكهة.
وقال، “تقابلت مع أم كلثوم مرتين فقط في حياتي داخل محلنا في شارع عبد الخالق ثروت، وكنا نغلق باب المحل الحديد لمنع تجمهر المواطنين الراغبين في رؤيتها والسلام عليها”.
ومن المواقف التي حكاها بيترو بايوكي، قال “خلال تواجد أم كلثوم بالمحل، طلب من والدي مساعدتها في ارتداء الحلق، وأثناء قدوم الساعي حاملًا صينية عليها فنان القهوة وكوب من الماء، وخبطت فيه فوقع فنجان القهوة على والدي ووقع كوب الماء على فستان السيدة أم كلثوم” وردت الست أم كلثوم قالت لي “معلش”.
وأشار، بيترو، إل عمله مدة أربع سنوات مع والده حتى عام 1970 ، حتى مرض، وانتقل إلى إيطاليا، ومن ثم وجد نفسه مسؤولًا علن المحل، في وقت يفتقد فيه للخبرة والعلاقات.
علاقته بأسرة الرئيس السادات
وقال بايوكي، في عام 1976م وقفت أمام المحل عربية سوداء كبيرة، به سواق وحارس، وفتح الباب وخرجت منها سيدة قوية ترتدي فستانا رماديًا ونظارة رمادية وعدسات رمادية اللون، وحذاؤها رمادي و تحمل شنطة رمادية اللون، وقالت أنا السكرتيرة الشخصية للسيدة جيهان السادات”
وكانت أول ما سألته عليه عندما دخلت المحل”فين صورة الرئيس
ورد عليها “صورة الرئيس في قلبي”.
وقال بايوكي ، في اليوم الثاني أرسلت لنا الرئاسة لي صورتين للرئيس السادات، مازالوا في المحل حتى اليوم، ودائمًا افتكر هذه الواقعة.
وأوضح بايوكي، أنه تم استدعائه لمكتب الرئيس السادات في فيلاته على النيل، ولما ذهبت لمقابلته، وجد الرئيس يرتدي جلبابًا أسود، ويشرب البيب وبجواره كلب “جيرمين”، وطلب منه الجلوس، وذكر له أنه اشترى شبكة زواجه عام 1953 من محلات بايوكي، وكانت عبارة عن بروش على شكل فراشة.
وأضاف، بايوكي، أن المقابلة كانت لها علاقة بعمل بعض تعديلات على بعض القطع للسيدة الأولى، وعندما انتهت المقابلة، واتجه للخروج، ترك له الرئيس السادات مع سكرتيره الخاص، نسخة من كتابه يحمل توقيعه، وقال “كنت هطير من الفرحة، ومازالت محتفظ بهذه النسخة حتى اليوم”.
علاقته بعائلة شاه إيران
ذكر بايوكي، أن عائلة السادات، أحضرت له “فرح ديبا” زوجة شاه إيران، لمحله، بعدما استقروا في مصر عام 1979م، وذلك عقب هروبهم بعد قيام الثورة الإيرانية.
وقال بايوكي “وكانت أسرة فرح شاه إيران تعيش في قصر القبة، لكنهم كانوا لا يحبون الأكل المقدم لهم، وكان ابنهم يحب الأكل الإيطالي، فزارني في بيتي أكثر من مرة لأني كنت أسكن في حدائق القبة، وكانت زوجتي تعمل له أكل إيطالي وتوطدت علاقي بهم، وبعدما رحلوا أرسلوا لي ساعة ثمينة كهدية ومدون عليها الإهداء”.
رفض سوزان مبارك منحه الجنسية المصرية
ذكر بايوكي، تعاملاته الكثيرة من السيدة سوزان مبارك، وقال، كانت مثلها مثل المشاهير لا يشترون المجوهرات، ويعدلون فقط في كل ما يقدم لهم من هدايا، وبعضها هدايهم كانت في الأصل مصنوعة لدينا”.
وقال بايوكي، حاولت كثيرًا الحصول على الجنسية المصرية، ولما توطدت علاقتي بالسيدة سوزان مبارك، تقدمت لها بطلب للحصول على الجنسية المصرية، لكنها لم ترد على طلبي.
قررت بايوكي الكتابة إلى بيرلسكوني، وكان حينها في المعارضة، وقال ” أنا أعيش في بلد عنصرية ترفض منحي الجنسية، رغم مولدي بها ومولد أبي، وأنتم تمنحون المصريين الجنسية رغم دخول أغلبهم إيطاليا بطرق غير شرعية للبلاد”.
كما تقدم بايوكي للسفارة الإيطالية في القاهرة، لمساعدته في الحصول على الجنسية المصرية، وقال ” حصلت على الجنسية المصرية بضغط من الإيطاليين بعد 14 عامًا من المحاولات”.
وقال بايوكي : “بعد حصولي على الجنسية عام 1998م، كنت في زيارة للسيدة سوزان مبارك، لعمل بعض الطلبات الخاصة بها، وتحدثت معي باللغة الانجليزية وردت عليها باللغة العربية، لكنها استمرت في حديثها باللغة الإنجليزية، وأنا أرد عليها باللغة العربية، وكلي استغراب من إصرارها على الحديث باللغة الإنجليزية معي، وقبل أن ارحل أخرجت لها البطاقة الشخصية، وقلت لها أنا فخور بحصولي على الجنسية المصرية.. وقالت لي يابيرو انت قدمت طلبًا لي بالحصول على الجنسية المصرية، وأنا لم أرد، لأني كنت أعتبرك مصري”.
التكريم من السفارات
حصل بايوكي على أول وسام من إيطاليا من خلال السفارة الإيطالية عام 1992، وحصلت على الوسام الثاني عام 1996م، وحصل على الوسام الثالث في 2006م من الرئاسة الإيطالية، وفي عام 2012 تم تكريمه من السفارة البلجيكية وحصوله على أعلى ثالث أعلى وسام في بلجيكا، وفي عام 2013 حصلت على ثاني أعلى وسام في إيطاليا.
وأوضح بايوكي، أن تكريم السفارة البلجيكية، جاء نتجية عملها في الألماس، حيث يعد بايوكي، أول جواهرجي يدخل شهادت الألماس في مصر عام 1979، إذ يشترى من أنتويرب في بلجيكا والتي تلقب بعاصمة الألماس في العالم.
التوسع في فروع الشركة
في عام 2002 افتتحت مجوهرات بايوكي فرعها الثاني داخل مول أركاديا، وتعرض المحل للحرق والغق خلال أداث ثورة يناير.
وفي عام 2010 عقدت مجوهرات بايوكي حفلة بمرور 110 عام على إنشاء الشركة وقدمت خلالها 110 قطعة من المجوهرات، بحضور حبة من المشاهير والمجتمع.
وفي عام 2017 افتتحت مجوهرات بايوكي فرعًا جديدًا في منطقة الزمالك.
عمل الزوجة في الصياغة
أشار بيترو بايوكي، إلى أن زوجته عملته معه في مهنة الصياغة وتصميم الحلي والمجوهرات لأكثر من 25 عامًا، وقال ” رحبت بذلك في ظل رفض البعض أن فكرة عمل الزوجة معه في نفس المهنة”.
ولفت، إلى أنها كانت تتولى أعمال الأحجار الكريمة والترصيع.
تغير السوق
أشار بايوكي، إلى أن السوق المصرية شهدت تغيرات خلال السنوات الأخيرة، حيث اتجه كثير من المواطنين لشراء السبائك والجنيهات الذهب أكثر من المشغولات، بغرض التحوط والحفاظ على قيمة الأموال مع تراجع العملة، وتحقيق أرباح من خلال ارتفاع الأسعار نتيجة المضاربات بالبورصة العالمية.
أضاف، أن تراجع القوة الشرائية للمواطنين دفع الشركة لطرح مشغولات من الفضة، حتى تتناسب مع احتياجات كثير من العملاء الراغبين في اقتناء منتجات “بايوكي”.