هبة جلال.. مصممة حلى و مدربة على تقنيات صناعة الحُلي.. فنانة بارعة بدأت بذرة نواة تصميم الحلي والأكسسوارات.. بعد شفاء ابنها من مرض الشلل منذ عمر الـ 3 سنوات، الذي جعله يصاب بفرط الحركة نتيجة عدم الحركة لفترة طويلة، ففكرت بأنه من الضروري أن تشغله بأي ألعاب تجعله يستطيع التخلص من هذه الحالة، لتجد أن عمل مشغولات بالخرز وسيلة تسلية رائعة، تساعد على التخلص من الطاقة السلبية التي تكون بداخله.
وأثناء تعليم ابنها عمل أشكال بالخرز.. استعادت روح التصميم التي ورثتها أبا عن جد وهي مهنة التصميمات اليدوية، فكان جدها يعمل في مجال النحاس ولديه ورشة في حي الخليفة عام 1920، أما والدها فكان يعشق تشكيل الخشب، بينما والدتها فكانت تحب العمل في مجال المشغولات بالخيوط، لدرجة أن لا أحد يستطيع التمييز إذا كانت هذه الأعمال يدوية أم مصنوعة على مكن خياطه.
بداية مشوار التصميم
وخلال حديثها لموقع «عيار 24»، كشفت أن بدايتها في مجال المشغولات اليدوية جاء بالصدفة، خاصة وأن مجال الدراسة بعيد عن التصميمات، ولكن عندما تعافى أبنها من الشلل الذي أصابه في عمر 3 سنوات، أصيب بفرط حركة نتيجة حرمانه من الحركة لفترة طويلة خلال فترة التعب، الأمر الذي جعلها تبحث عن أشياء تجعل أبنها يركز بشكل أكثر في الحياة.
وتابعت أنها أثناء مرورها أمام أحد المحال المتخصصة في بيع مستلزمات المشغولات اليدوية «الخرز»، فقامت بشراء بعض الألعاب التي تعتمد على الخرز، وقدمت له العديد من الأشكال التي يمكن أن ينفذها، وأثناء تعليمه اكتشفت أنها بداخلها طاقة سلبية تخرج أثناء عمل المشغولات اليدوية، ومن هنا جاء فكرة العمل في مجال تصميم الأكسسوارات والشغف في الاستكمال في هذا المشروع.
وأشارت إلى أنها بدأت تفهم في ترتيب الخرز ووضع الأحجار الكريمة بجانب بعضها، من أجل الحصول على شكل جمالي، موضحة أنها وجدت من الضروري الحصول على ورش تعليمية، كان من ضمنها تعلم مبادئ تصميم، ثم مبادئ صياغة، وبعد ذلك ظلت لسنوات طويلة كهوية.. تشاهد الفيديوهات في المنزل، وتتعلم تصميمات جديدة، إلى أن عرفت عن منحة عزة فهمي، التي كان فيها شروط قاسية للغاية، جعلتها تشعر للوهلة الأولى أنها لن تقبل في هذه المنحة.
دخول ورشة عزة فهمي
وانتقلت الفنانة هبة جلال خلال حديثها إلى مرحلة الخروج من فكرة الهاوية إلى التصميمات العالمية.. فرأت أنها من أصعب شروط منحة عزة فهمي هو التواجد من الساعة الـ 9 صباحا إلى الساعة الـ 5 عصرا، الأمر الذي ربما يكون صعب على سيدة متزوجة ولديها أطفال، ولكن زوجها ووالدتها ساندوها و شجعوها على التقديم في المنحة، وبالفعل ذهب للتقديم وفي أول لقاء كان السؤال «هل زوجك سيوافق على المنحة.. فكانت أجابتها بنعم»، بعدها جاء إليها اتصال هاتفي يبلغها بأنها سوف تقابل عزة فهمي.
ووصفت شعورها عندما أبلغها بأنها سوف تقابل عزة فهمي، «حلم حياتي مختلط بالخوف والقلق من أن ترفضني نظرا لأني أم ومسئولة عن منزل، ولكن خاب ظني.. ووافقت الاستاذة على ضمي إلى المنحة، والتدريب في المصانع التي تصدر مشغولاتها للخارج… لأكون سعيدة الحظ».
ماذا بعد عزة فهمي
وقالت إن حصولها على منحة عزة فهمي.. لم تجعلها تكف عن التعلم والاستمرار، بل ظلت تبحث عن تعلم التصميمات الحديثة والفن الإسلامي والفرعوني، إلى أن أصبح لديها برند «Tazaga Jewelry»، وخط تصنيع خاص بهاز
وأشارت إلى أن السبب وراء تسمية البرند «Tazaga» يعود إلى أن ليس هناك حرفي لا يستخدمها في صناعة المشغولات، بالإضافة إلى أنها اسم سهل النطق سواء شخص أجنبي أو عربي، فهو اسم متوارث من الأجيال القديمة.
التحديات تواجه الورش الصغيرة
وأوضحت أن أصعب التحديات التي تواجه أي حرفي في البداية، هي ارتفاع أسعار الخامات بشكل سريع وكبير للغاية، وكذلك أسعار الإيجارات في المعارض تكون مبالغ فيها، فليس هناك تقدير أن أصحاب الحرف اليدوية مازال في البداية، ويحتاجون إلى دعم، وكذلك الورش في التي تكون في أماكن جيدة أسعارها مرتفعة للغاية، وأيضا أماكن للعرض يكون هناك في صعوبة.
وأشارت إلى أن الاستيراد من الخارج يكون أكبر تحدي، في الأسعار تكون منخفضة مقارنة بالأعمال اليدوية، لذا ربما يقبل الكثير على شراء المستورد، خاصة مع الظروف الاقتصادية، والقليل من يكون لديهم حب اقتناء المشغولات اليدوية المميزة، التي لا يوجد شبيه لها.
وتابعت أن الأحداث العالمية الحالية أثرت بشكل كبير على صناعة الحلي والأكسسوارات، فهي تعتمد بالأساس على استيراد الخامات بالخارج، ومع توقف الاستيراد ارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة على أسعار الخامات التي تباع في الأسواق، الأمر الذي يجعلنا فريسة لدى الكثير من التجار.
أهمية فن صناعة الحلي وتاريخه
وقالت هبة جلال، مصمم الاكسسوارات والحلي، إن أهمية فن صناعة الحلي وتاريخه، في أنه شاهد على كل العصور، من أول الفراعنة، فالمرأة في عصر الفراعنة كانت تحرص على ارتداء الحلي، ونشاهده الآن في الرسومات على جدران المعابد، وعند التنقيب عن المقابر الفرعونية نجد الكثير من الحلي، شاهده على الفترة الفرعونية بجمالها وتفاصيلها وألوان المينا والأحجار التي تكون شكلها مبهر.
وتابعت أن الحلي كان شاهد على العصر الروماني، وذلك إذا زورنا المتحف القبطي سوف نجد أن هناك حلي خاصة بهذه الفترة، وكذلك إذا زرنا المتحف الإسلامي سوف نجد تصميمات الحلي مختلفة عن العصر الروماني والفرعوني، فالحلي هي شاهد على العصر.
أما بالنسبة للحلي في عصرنا الحالي.. سنجد أن السيدة الصعيدية ترتدي كردنا وحلق مختلف عن السيدة في التراث الشعبي، وكذلك الحلي يكون مختلف عند السيدة الفلاحة، فا لدينا اعتقاد راسخ أن السيدة شخلله الغوايش في يديها.
المواد المستخدمة في صناعة الحلي
وأشارت إلى أن هناك خامات من الذهب والنحاس والفضة.. وفي كل خامة يتم تشكيلها بالشكل الذي يخدم التصميم، سواء بنعملها سلك أو شرائح.
التقنية المستخدمة في صناعة الحلي
وأوضحت أن التقنية المستخدمة في صناعة الحلي كثيره، منها النشر واللحام، والتفصيل بالسلك، وأيضا الزنجرواف (الحفر بالأحماض)، وكذلك التخريم، وأيضا الطرق على الخام، فهو يعطي أشكال لطيفة عند النقش خاصة على النحاس، والشفتشى (ضمن التقنيات التراثية)، وشمع الموديلات بيكون مصنع صالحة للتشكيل عليها التصميم الذي نريده، ويدخل في مرحلة صناعية مخصصة له، تنتج الشغل.
تقييم سعر الاكسسوارات والحلي
وأوضحت أن تقييم أسعار الاكسسوارات يكون من خلال دقة التنفيذ والمواد والتقنية المستخدمة، مشيرة إلى أن إذا كان المنتج فوق الممتاز ولكن الطلاء والتلميع غير جيد، فإن هذا يؤدي إلى انخفاض سعر المنتج.
أبرز التصميمات التي يستند عليها في صناعة الحلي
أشارت إلى أن هناك العديد من التصميمات التي نلجأ إليها في صناعة الحلي، فهناك تصميمات العصر الفرعوني، وأيضا تصميمات العصر الروماني، والعصر الإسلامي، وكذلك هناك التراثية المرتبطة الفلاحين والصعايدة والحي الشعبي، فهناك الآلاف من التصميمات وليس تصميم واحد، وكل تصميم وله عصر.
إنشاء مدرسة لصناعة الحلي في مصر
وحول إنشاء مدرسة لصناعة الحلي في مصر.. أوضحت أنها من أجمل الخطوات التي اتخذت مؤخرا هي إنشاء مدرسة خاصة بصناعة الحلي، فهي تخرج جيل فاهم ومقدر الحرفة فهي تعد ثروة قومية تستطيع تغير الوضع الاقتصادي، وسيكون لدينا جيل لديه حب وشغف بالحرف اليدوية، التي بدأت تندثر خلال السنوات الأخيرة، نتيجة وجود كميات كبيرة من الحلي المستورد، واتمنى أن يكون هناك مدرسة في كل حرفة في مصر.
وأكدت أنه من حوالي 50 سنة كان الأسر بيلحقوا ابنائهم بالورش، من أجل تعلم حرفة جديدة، وكان الطفل الذي لديه قدرة على التعلم في المدارس كان يكمل طريقة، والطفل الذي لديه رغبة في التعلم بالورش كان يكمل طريقه في هذا الإتجاه، لذلك كان لدينا جيل فاهم، أنه يستطيع القيام بحرفة لا يستطيع الدكتور القيام بها، لذا كان لديه ثقة كبيرة في نفسه.
وأشارت إلى أنه مع مع الوقت أصبح الحال متدهور، اندثرت معظم الحرف، وأصبح لدينا جيل ليس لديه حرفة، وفقدنا الصنايعي الشاطر، لذا أرى أن مجال العمل في مصر سوف يتسع ولا يقتصر على الطبيب والمهندس، ولكن سيكون هناك الحرفي الشاطر، وسوف تكون هذه المدرسة ورشة حرفية متحضره.
تصميمات يقبل عليها الأجانب
وأشارت إلى أن التصميمات التي يقبل عليها الأجانب هي المرتبطة بالبلد التي يزورها، موضحة أن التصميم الفرعوني من أشهر التصميمات التي يبحث عنها الأجنبي عند زيارة مصر، ثم تأتي التصميمات التي تعود إلى العصر الإسلامي.
دورات تدريبية
وأوضحت أنها تقدم دورات تدريبية تناسب الأطفال والكبار، فمن خلال هذه الدورات تنقل تجربتها الشخصية في تعلم حرفة تصميم الحلي والأكسسوارات.