رغم أن الفضة لم تتمكن من الاستمرار فوق مستوى 39 دولارًا للأوقية مع بداية الأسبوع، إلا أن المعدن الثمين يستمر في الارتفاع بصورة قوية، ملامسًا أعلى مستوياته منذ 14 عامًا، وبحسب أحد البنوك الاستثمارية، فقد تمثل هذه المستويات ذروة الأسعار حتى عام 2026.
ويُعزى هذا الأداء القوي أساسًا إلى الطلب الصناعي القوي، الذي يُعد المحرك الرئيسي لعجز العرض الكبير في السوق، إلا أن فريق السلع في بنك “ماكواري” (Macquarie)، بقيادة ماركوس جارفي، يشير إلى أن اهتمام المستثمرين أصبح الآن هو العامل الحاسم في تحريك السوق.
وجاء في مذكرة تحليلية صدرت أواخر الشهر الماضي:”كما أشرنا في مارس، فإن عودة الزخم الشرائي القوي من قِبَل المستثمرين الماليين تُبقي على إمكانية فترات أداء قوي للفضة، ونعتقد أن هذا هو ما دفع الأسعار للصعود مؤخرًا”.
تباين في سلوك المستثمرين
تكشف أحدث بيانات التداول عن تباين لافت في سوق الفضة، حيث يقوم المضاربون في سوق العقود الآجلة بجني الأرباح، بينما يواصل مستثمرو صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) في لشراء لتعزيز مراكزهم.
ووفقًا لبيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية (CFTC) لتقرير التزامات المتداولين “Commitments of Traders” للأسبوع المنتهي في 8 يوليو، قام مديرو الأموال بزيادة مراكز البيع القصيرة في عقود فضة “كوميكس” بمقدار 1,934 عقدًا، في حين تراجعت مراكز الشراء الطويلة بمقدار 237 عقدًا.
وبذلك بلغ صافي المراكز الطويلة 42,756 عقدًا، بتراجع يقارب 5% عن الأسبوع السابق.
كما تشير البيانات إلى أن متعاملي المقايضات (Swap Dealers)، الذين يعملون كوسطاء في صفقات المشتقات، يحتفظون حاليًا بأكبر مراكز بيع قصيرة مسجلة، ويقترح بعض المحللين أن هذه المراكز قد تكون مرتبطة بارتفاع الطلب على صناديق المؤشرات المتداولة.
وخلال الأسبوع الماضي، استقطبت صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة تدفقات صافية بلغت 322 ألف أوقية، لترتفع حيازات الفضة ضمن هذه الصناديق إلى 775 مليون أوقية، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2022.
رؤية “ماكواري”: صعود محدود للفضة
ورغم بقاء “ماكواري” متفائلًا بشأن الفضة، إلا أنه يرى أن صعود السوق قد بلغ حدوده القصوى على المدى القريب.
ففي تقريره نصف السنوي حول السلع، رفع البنك توقعاته لسعر الفضة هذا العام بسبب ارتفاع الطلب الاستثماري، ويتوقع البنك الأسترالي الآن أن يبلغ متوسط سعر الفضة 36 دولارًا للأوقية في الربع الثالث من 2025، ارتفاعًا من توقع سابق بلغ 33 دولارًا، كما من المتوقع أن يبلغ متوسط الأسعار في الربع الأخير من العام حوالي 35 دولارًا للأوقية، بزيادة قدرها 13% عن التقدير السابق.
وأضاف المحللون:”في توقعاتنا السابقة، افترضنا أن هذا الأداء القوي سيكون صعب التحقيق في ظل تصاعد الحروب التجارية، لكن صمود النمو العالمي وأداء الأسواق خلق نافذة جديدة لأداء الفضة، مما دفعنا لتعديل توقعاتنا”.
نظرة مستقبلية حتى 2026
يتوقع “ماكواري” أن تظل الفضة فوق مستوى 30 دولارًا للأوقية حتى عام 2026، مع بلوغ الذروة خلال صيف 2025.
وبالنظر إلى 2026، يتوقع المحللون أن يتراوح متوسط سعر الفضة بين 33 و34 دولارًا للأوقية في الربع الأول، وبين 29 و30 دولارًا في الربع الثاني – وهي أرقام معدّلة صعودًا عن التقديرات السابقة البالغة 29 و30 دولارًا على التوالي.
ويتابع التقرير:”في النصف الثاني من عام 2025، نتوقع تغيرًا في ديناميكيات السوق؛ حيث ستستفيد الفضة مجددًا من الأداء القوي للذهب، لكنها قد تفقد دعمها كمُكون مخاطرة في ظل تباطؤ الإنتاج الصناعي العالمي وانتهاء موجة الطلب الاستباقي المرتبطة بالتعريفات الجمركية”.
“لكن في عام 2026، ومع تسارع النمو العالمي مجددًا، يُتوقع أن تتفوق الفضة على الذهب، ونتوقع أن يتراجع معدل الذهب إلى الفضة ليصل إلى نحو 83، أما من حيث القيمة المطلقة، فمن المرجح أن تظل أسعار الفضة قوية، لكن تباطؤ الذهب سيشكل ضغطًا نسبيًا، ما يُبقي الأسعار ضمن نطاقاتها الحالية وفقًا لتقديراتنا الأساسية”.