في ظل اتساع الفجوة بين أسعار الذهب في السوق المحلية والعالمية، دعا الدكتور “نجوين هوو خوان”، الأستاذ المشارك بكلية الاقتصاد بجامعة مدينة هو تشي منه، إلى ضرورة تبني سياسات حكومية مرنة وتدريجية لتنظيم سوق الذهب في البلاد، مع مراعاة التوازن بين استقرار السوق المحلي والانفتاح المالي المتزايد، وفقًا لحواره صحيفة فيتنام إيكونوميك تايمز.
كبح الفجوة السعرية بين الذهب المحلي والعالمي
يرى “خوان” أن اقتراح زيادة واردات الذهب لتقليص الفجوة السعرية بين السوق المحلية والدولية قد يحمل في طياته مخاطر على احتياطيات النقد الأجنبي وسعر الصرف، ويقترح، عوضًا عن ذلك، أن يتم ربط حصص استيراد الذهب للشركات المرخصة بحجم الفائض في ميزان المدفوعات أو التجارة الخارجية في فترات معينة، بحيث تتم زيادة الواردات في أوقات الفائض وتقليصها عند تراجع الرصيد التجاري.
ويؤكد “خوان” على ضرورة أن تظل جهة الاستيراد مقتصرة على الشركات المتخصصة في صناعة وتجارة الذهب بناءً على قدراتها المالية والإنتاجية وسمعتها في السوق، محذرًا من منح هذا الحق للبنوك الحكومية، نظرًا لكونها ليست طرفًا مباشرًا في النشاط التجاري للذهب، مما قد يؤدي إلى خلق وساطة غير ضرورية تزيد من التكلفة السعرية.
كما حذّر من تكرار تجربة ما قبل صدور المرسوم رقم 24 لعام 2012، حينما أدى التحرير الكامل لسوق الذهب إلى انتشار الذهب المغشوش وضعف الرقابة على الجودة.
سوق ائتمان الذهب: بديل للكنز وتحفيز التنمية
اقترح “خوان” إنشاء سوق ائتمان للذهب كآلية فعالة لحشد الموارد المدخرة لدى الأفراد، وتحويلها إلى رأسمال منتج، ويشمل هذا النظام منح المودعين شهادات ملكية مضمونة من البنك المركزي، مقابل ودائعهم من الذهب، مع إمكانية تداول هذه الشهادات في السوق أو استرداد الذهب الفعلي لاحقًا.
ويعزز هذا الطرح من قدرة الدولة على تمويل مشروعات استراتيجية مثل شبكات القطارات السريعة أو مترو الأنفاق، دون الحاجة للاقتراض الخارجي، كما يسهم في تقليص الطلب على الذهب المادي وتحجيم المضاربة.
في هذا السياق، يرى “خوان” أن إنشاء بورصة للذهب يمثل خطوة محورية لتنظيم التداول، على أن ترتبط حسابات الذهب بأسعار الأسواق العالمية، مما يسهم في تقليص الفجوة السعرية إلى أقل من 1% بين سعر الشراء والبيع.
خارطة طريق لإنشاء بورصة ذهب حديثة في فيتنام
دعا “خوان” إلى اعتماد نهج تدريجي لتطوير سوق الذهب، يبدأ بوضع إطار قانوني واضح وشفاف يشمل ضوابط التداول، معايير الجودة، آليات الحفظ والتسوية، وإجراءات مكافحة غسل الأموال.
وينصح بأن تبدأ التجربة بتداول الذهب غير المادي، تحت إشراف البنك المركزي، بالتعاون مع مؤسسات مالية كبرى، لتجريب أنظمة البنية التحتية والتسوية الإلكترونية، قبل الانتقال إلى تداول الذهب الفعلي.
وعلى المدى المتوسط، يمكن إدخال أدوات مالية متقدمة مثل العقود الآجلة والاختيارات، وتوسيع قاعدة المشاركين لتشمل البنوك، والمؤسسات الاستثمارية، والمستثمرين الأفراد المؤهلين.
أما في المدى الطويل، فيقترح التوسع في تقديم خدمات مالية مرافقة مثل التمويل المضمون بالذهب، التأمين، وإدارة أصول الذهب، إلى جانب ربط البورصة المحلية ببورصات الذهب العالمية، مما يعزز مكانة فيتنام المالية في الإقليم.
إدارة المخاطر: ضرورة لضمان استقرار السوق والنظام المالي
شدد التقرير على أهمية وجود منظومة رقابية صارمة لرصد ومنع عمليات المضاربة والتلاعب وغسل الأموال داخل سوق الذهب، لما لها من آثار سلبية على الاستقرار المالي الكلي وثقة المستثمرين.
واقترح اعتماد أنظمة إنذار مبكر، وتنظيم حدود التداول اليومية، والرقابة على الرافعة المالية، وربط البورصة بأنظمة التسوية المصرفية الرسمية، فضلًا عن ضمان الشفافية التامة من خلال نشر البيانات المتعلقة بالأسعار، والأحجام، والصفقات الكبيرة.
كما شدد على أهمية تطبيق لوائح صارمة في مجالات مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتحقق من هوية العملاء (KYC)، خاصة للمعاملات القادمة من مناطق عالية الخطورة.
الموقع المقترح: مركز فيتنام المالي الدولي في هو تشي منه
واختتم التقرير بتوصية بضرورة تأسيس بورصة الذهب داخل المركز المالي الدولي بمدينة هو تشي منه، باعتباره الموقع الأنسب من حيث البنية التحتية المالية، وتوافر الكفاءات البشرية، والارتباط الوثيق بالأسواق العالمية.
وجود البورصة في هذا الموقع من شأنه جذب المؤسسات المالية الدولية، وزيادة السيولة، وتعزيز التنافسية، مما يُمكّن فيتنام من بناء سوق ذهب ذكي، رقمي، وآمن، يلبي تطلعات المستثمرين ويخدم أهداف الاستقرار الاقتصادي الكلي.