شهد الذهب ارتفاعًا ملحوظًا منذ أواخر عام 2022، حيث تضاعف سعره أكثر من مرتين، من 1429 دولارًا للأوقية في 3 نوفمبر 2022 إلى 3287 دولارًا للأوقية في 30 يونيو 2025، وخلال هذه الفترة، حطم الذهب الرقم القياسي التاريخي 68 مرة، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي.
وقد استند هذا الصعود الكبير إلى عوامل رئيسية أبرزها عمليات شراء مستمرة من البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والتجارية التي دفعت المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة مثل الذهب، وحالة عدم اليقين الاقتصادي المرتبطة بالتضخم والديون العالمية واستقرار العملات الاحتياطية التقليدية.
تباطؤ الزخم في الربع الثاني من 2025
على الرغم من استمرار ارتفاع الذهب في الربع الثاني من عام 2025، إلا أن وتيرة الزيادة تباطأت إلى 5.5% مقارنة بارتفاع قوي بلغ 19% في الربع الأول، هذا التراجع دفع بعض المستثمرين للتساؤل عما إذا كانت موجة صعود الذهب قد انتهت أم أن السوق يستعد لموجة جديدة من الارتفاعات.
نظرة تاريخية على فترات هبوط الذهب
منذ انهيار نظام بريتون وودز عام 1971، شهد الذهب خمس موجات هبوط رئيسية، حيث تتشابه هذه الفترات في عدة عوامل:
الفترة | المدة | نسبة الانخفاض | العوامل الرئيسية |
---|---|---|---|
1974–1976 | 21 شهرًا | 47% | قوة الدولار، رفع أسعار الفائدة |
1980–1985 | 77 شهرًا | 54.6% | رفع أسعار الفائدة في عهد فولكر، انخفاض التضخم |
1987–1992 | 68 شهرًا | 35% | ازدهار الأسهم، انخفاض التضخم |
1996–1999 | 45 شهرًا | 22% | طفرة التكنولوجيا، مبيعات البنوك المركزية |
2011–2015 | 48 شهرًا | 54.6% | تقليص التيسير الكمي، تدفقات خروج من صناديق الذهب، قوة الدولار |
العوامل المشتركة في فترات الهبوط:
-
ارتفاع تكاليف الفرصة البديلة: غالبًا ما ارتبطت فترات الهبوط بارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية وقوة الدولار، نتيجة نمو اقتصادي قوي أو زيادات حادة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وفي مثل هذه الحالات، يميل المستثمرون للابتعاد عن الذهب لصالح أصول ذات عوائد أعلى.
- انخفاض المخاطر العالمية: خلال معظم موجات التراجع الخمس، تراجعت التوترات الجيوسياسية، وتحسنت أوضاع الاقتصاد الكلي، وتباطأت وتيرة التضخم، ما عزز من أداء أسواق الأسهم، وجذب المستثمرين بعيدًا عن الذهب، حيث أن تحسن الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية وانخفاض التضخم يدفع المستثمرين نحو الأسهم.
-
انخفاض المخاطر وعدم اليقين: تحسن الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية وانخفاض التضخم يدفع المستثمرين نحو الأسهم.
-
تباطؤ الزخم: شهدت تلك الفترات كذلك تراجعات في مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية، وتدفقات خارجة من صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs)، وهو ما زاد من الضغط على الأسعار.
السيناريوهات التي قد تؤدي إلى هبوط الذهب
استنادًا إلى التاريخ، هناك عدة عوامل قد تضغط على الذهب في المدى القصير إلى المتوسط:
-
تراجع المخاطر الجيوسياسية أو التجارية مما يقلل الطلب على الملاذ الآمن.
-
ارتفاع قوة الدولار وارتفاع العوائد مما يزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب.
-
تباطؤ الطلب الاستثماري سواء من البنوك المركزية أو صناديق الاستثمار أو المستثمرين الأفراد.
أما السيناريوهات التي قد تدفع الذهب إلى دورة هبوط طويلة الأمد، فهي نادرة ولكنها ممكنة، وتشمل:
-
توقف البنوك المركزية عن شراء الذهب.
-
زيادة المنافسة من أصول أخرى.
-
تراجع اهتمام المستهلكين بالذهب.
-
زيادة كبيرة في المعروض من الذهب بالأسواق العالمية.
على الرغم من تباطؤ الزخم مؤخرًا، يبقى الذهب أداة مهمة لتنويع المحافظ وحماية الاستثمارات من المخاطر، مع استمرار ارتفاع الديون العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، واستمرار شراء البنوك المركزية للذهب، فإن احتمال حدوث هبوط طويل الأمد يبدو غير مرجح، قد تحدث تصحيحات قصيرة الأمد، لكن العوامل الأساسية التي تدعم الذهب قوية في الفترة الحالية، فالعالم يشهد مزيدًا من التشرذم الجيوسياسي، وتزايدًا في مستويات الديون الحكومية، خاصة في الولايات المتحدة، واستمرارًا في التوتر بين القوى الكبرى، وفي هذا السياق، تبقى جاذبية الذهب كأصل استراتيجي قادر على تنويع المخاطر وتعزيز أداء المحافظ الاستثمارية قائمة بقوة.