شهدت أسعار الفضة خلال الأسبوع المنتهي حالة من الارتفاع الحاد، لتُسجل أعلى مستوياتها منذ 13 عامًا، مدعومة بتصاعد المخاوف التجارية العالمية، وزيادة في الطلب الفعلي، مقابل عجز في المعروض بالأسواق، ورغم استقرار الأسعار محليًا اليوم السبت بفعل عطلة البورصات العالمية، فإن مكاسب الأسبوع بلغت نحو 4%، مع اختراق الأوقية عالميًا مستوى 38 دولارًا.
وبحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub، بلغ سعر جرام الفضة عيار 800 نحو 51.25 جنيه، فيما ارتفعت الأوقية عالميًا بنحو 1.46 دولار خلال الأسبوع، مسجلة 38.32 دولار.
تزامن ارتفاع الفضة مع صعود الذهب والنحاس، وهو ما عزز جاذبية المعدن الرمادي بصفته أصلاً ماليًا وآخر صناعيًا أساسيًا، ويشير المحللون إلى أن الفضة دخلت مرحلة جديدة تتسم بارتفاع تكاليف التمويل وشح السيولة في الأسواق العالمية، وسط تسعير متزايد لمخاطر جيوسياسية وتجارية.
واشنطن تشعل فتيل الرسوم الجمركية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على الواردات الكندية، ورفع الرسوم العامة إلى 15-20%، بالإضافة إلى رسوم بـ50% على النحاس، وهو ما زاد الضغوط على سلاسل التوريد وأثار تكهنات بإدراج الفضة ضمن القائمة الجمركية، رغم استبعادها رسميًا في وقت سابق.
هذا التصعيد التجاري دفع المستثمرين للتحوّط عبر أصول الملاذ الآمن، وفي مقدمتها الذهب والفضة، ما رفع الأسعار وعمّق الفجوة بين أسواق بورصة كومكس الأمريكية وبورصة لندن.
سوق تعاني عجزًا هيكليًا منذ خمس سنوات
تُظهر البيانات أن سوق الفضة تعاني من عجز مستمر منذ عام 2021، حيث بلغ العجز في 2023 نحو 184 مليون أوقية، ويُتوقع أن يستمر خلال 2025 بفعل انخفاض إنتاج المناجم الأساسية، والاعتماد بنسبة 70% على الفضة كمُنتج ثانوي.
ويُتوقع أن يبلغ الاستهلاك الصناعي للفضة هذا العام نحو 677.4 مليون أوقية، مدفوعًا بقطاع الطاقة النظيفة، لا سيما الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية.
الاستثمار المؤسسي يعزز الاتجاه الصعودي
بحسب معهد الفضة، ارتفعت حيازات المنتجات المالية المدعومة بالفضة إلى 1.13 مليار أوقية بنهاية النصف الأول من 2025، مع صافي تدفقات استثمارية تجاوزت 95 مليون أوقية خلال ستة أشهر فقط، ما يعكس ثقة متزايدة في استدامة الصعود.
من البلاتين إلى الفضة: تناوب في الارتفاع
في حين قفز البلاتين بنسبة 66% منذ أبريل، وارتفع الذهب فوق 3355 دولارًا، كانت الفضة تتحرك في نطاق ضيق (28–34 دولارًا) قبل أن تنطلق صعودًا بنسبة 34% من أدنى مستوياتها في أبريل، لتؤكد دخولها في دورة صعودية خاصة بها.
إلى أين تتجه الفضة؟
يرجح محللو TD Securities وCitibank أن تواصل الفضة مكاسبها لتبلغ مستويات تتراوح بين 40 و50 دولارًا في غضون 6 إلى 12 شهرًا، بدفع من استمرار العجز في المعروض، وتزايد الطلب الصناعي والاستثماري.
ويرى البعض أن الفضة دخلت مرحلة “الدورة الفائقة للسلع” Supercycle، ما يفتح الباب أمام ارتفاعات إضافية إذا ما استمر الضغط الجيوسياسي، وزادت اضطرابات سلاسل الإمداد.
في ظل التقاء ندرة المعروض، وتنامي الطلب، وزيادة تقلبات الأسواق العالمية، تبدو الفضة مرشحة بقوة لتكون نجم المعادن في النصف الثاني من عام 2025، مدفوعة بعوامل اقتصادية وصناعية وجيوسياسية متشابكة.