شهدت استثمارات الفضة العالمية قفزة غير مسبوقة خلال النصف الأول من عام 2025، مدفوعة بعدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، ما دفع بأسعار المعدن الرمادي إلى أعلى مستوياتها منذ 13 عامًا، وفقًا لأحدث تقارير معهد الفضة (Silver Institute).
قفزة في الأسعار مدفوعة بالعوامل الاقتصادية والسياسية
أشار التقرير إلى أن متوسط سعر الفضة ارتفع بنسبة 25% خلال الأشهر الستة الأولى من العام، وهو ارتفاع قريب من أداء الذهب الذي صعد بنسبة 26% في نفس الفترة.
وأوضح المحللون أن النسبة المرتفعة بين سعر الذهب إلى الفضة خلال شهري أبريل ومايو جعلت الفضة تبدو “أقل تقييمًا” على المدى الطويل، مما عزز من جاذبيتها الاستثمارية.
كما دعمت بوادر الانفراج في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين معنويات المستثمرين في سوق المعادن الصناعية، ما شكّل دعمًا إضافيًا لأسعار الفضة.
تدفقات تاريخية في صناديق الاستثمار المتداولة
أظهر التقرير أن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالفضة سجلت تدفقات صافية بلغت 95 مليون أوقية خلال النصف الأول من العام، متجاوزة إجمالي تدفقات العام الماضي بالكامل.
وبحسب معهد الفضة، بلغت إجمالي حيازات صناديق الاستثمار العالمية 1.13 مليار أوقية بحلول 30 يونيو، بفارق 7% فقط عن ذروتها التاريخية في فبراير 2021 (1.21 مليار أوقية).
كما تجاوزت القيمة الإجمالية لهذه الحيازات حاجز 40 مليار دولار أمريكي لأول مرة في التاريخ.
وشهد شهر يونيو وحده نصف النمو تقريبًا، مسجّلًا أقوى زيادة شهرية منذ موجة “الضغط على الفضة” التي قادتها مجموعات التجزئة في عام 2021 .
امتد النشاط الاستثماري القوي إلى سوق العقود الآجلة، حيث سجلت مراكز الشراء الصافية المُدارة على بورصة شيكاغو للسلع (CME) ارتفاعًا بنسبة 163% مقارنة بنهاية عام 2024، حتى تاريخ 24 يونيو.
وأشار التقرير إلى أن المستثمرين المؤسسيين أظهروا التزامًا قويًا بالفضة كأداة لحفظ القيمة خلال معظم شهور العام، وبلغ متوسط مراكز الشراء الصافية أعلى مستوى لها منذ النصف الأول من عام 2021.
صورة متباينة على مستوى التجزئة
رغم الأداء القوي في الأسواق المؤسسية، فإن بيانات الاستثمار بالتجزئة أظهرت تباينًا بين المناطق:
-
في أوروبا، استمر التعافي الذي بدأ أواخر 2024، لكنه ما زال انطلاقًا من قاعدة منخفضة، حيث لم تصل أحجام الشراء إلى المستويات الاستثنائية التي سادت بين 2020 و2022. ومع ذلك، فإن تباطؤ مبيعات السوق الثانوية ساهم في رفع الطلب على السبائك والعملات الجديدة.
-
في الهند، ظل الطلب قويًا، حيث سجل نموًا سنويًا بمعدل 7% في النصف الأول من 2025، مدفوعًا بتوقعات أسعار إيجابية.
-
أما في الولايات المتحدة، فقد كان الوضع معكوسًا، حيث واصل المستثمرون الأفراد بيع حيازاتهم بهدف جني الأرباح، أشار التقرير إلى أن غياب أزمات مالية كبرى (مثل انهيار بنك Silicon Valley في 2023) ساهم في تراجع الطلب على الفضة كملاذ آمن، ما أدى إلى انخفاض استثمارات التجزئة بأكثر من 30% منذ بداية العام.
التوقعات: مستويات حرجة وأعين على حاجز الـ40 دولار
يتوقع محللو معهد الفضة استمرار النشاط القوي في سوق السبائك والعملات، لكنهم يحذرون من أن الطلب على المنتجات الجديدة قد يظل محدودًا خلال الأشهر المقبلة.
وأكد التقرير أن أحد العوامل الحاسمة سيكون رد فعل المستثمرين إذا تجاوزت أسعار الفضة مستوى 40 دولارًا للأوقية، فبينما قد يسارع البعض إلى جني الأرباح، قد يرى آخرون في ذلك إشارة على مزيد من الارتفاع ويُقبلون على الشراء.