قالت رونا أونيل، رئيسة تحليل الأسواق لمنطقتي أوروبا والشرق الأوسط وآسيا في شركة StoneX، إن الارتفاع المتواصل في أسعار الفضة مدفوع بعوامل تناوب السوق وزيادة الطلب الصناعي، في وقت بدأت فيه استجابات الذهب للمخاطر العالمية تتراجع، ما يعزز من الفجوة المتزايدة بين أداء المعدنين.
وفي مقابلة مصوّرة حديثة، أوضحت أونيل أن الذهب قد تراجع نسبيًا مقارنةً بالفضة في الآونة الأخيرة، لكنه لا يزال بعيدًا عن الخروج من دائرة الاهتمام.
ففي أواخر العام الماضي، كان الكثير من المستثمرين ينتظرون انخفاضات الذهب بحدود 200 أو 300 دولار للدخول، لكن السوق كان أذكى منهم، فتراكم الزخم وشعر السوق بالازدحام، وعلاوة على ذلك، قضى الذهب قرابة 18 شهرًا يستوعب جميع المخاطر المتنامية في مختلف المجالات المؤثرة، ما أتاح للمستثمرين الوقت الكافي لترتيب مراكزهم الاستثمارية”.
وأشارت أونيل إلى أن الذهب أصبح أقل تأثرًا بالأخبار والتطورات خلال الأشهر الماضية، وقالت: “إذا نظرنا إلى الشهرين الماضيين أو أكثر قليلاً، نلاحظ أن درجة تفاعل الذهب مع أي مؤثر خارجي – سواء كان طويل الأمد أو مفاجئ – قد تراجعت، وهذا يشير إلى أن السوق لم يكتفِ تمامًا، لكنه بحاجة إلى دفعة جديدة للصعود، وهذه الدفعة غير موجودة حاليًا لأنها استُهلكت سابقًا، لذا يشهد السوق تصحيحًا، لكن في الوقت ذاته، لا يزال هناك قدر كافٍ من عدم اليقين يمنح الذهب دعمًا كلما اقترب من مستويات 3300 دولار أو أقل قليلًا”.
وعند سؤالها عمّا إذا كانت أسوأ فترات المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين خلفنا، أجابت أونيل بحذر: “سيكون من غير المسؤول أن أقول نعم بثقة، لأننا لا نعلم ما قد يحدث، فالعالم مليء بالمخاطر الجيوسياسية، ولا تقتصر على التوترات الثنائية في التجارة، بل تشمل أيضًا توترات متعددة الأطراف، وشخصيات وقوى فاعلة مختلفة تشكل هذا المشهد المعقد”.
تهديد استقلال الفيدرالي الأمريكي قد يضر بالنظام المالي
وفي معرض تعليقها على تجدد انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أكدت أونيل أن تغيير سياسات الفيدرالي مع كل إدارة جديدة سيكون له عواقب وخيمة.
وقالت: “هذا من شأنه أن يترك النظام المالي الأمريكي في مهب الريح، الولايات المتحدة هي أكبر دولة مدينة في العالم، بينما أوروبا هي أكبر دائن، رغم أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا نسبيًا، فإن سوق الخزانة ما زال بحاجة إلى تدفقات مالية”.
وأشارت إلى أن تدفقات الاستثمارات في السندات طويلة الأجل بدأت بالتباطؤ، وهو أمر مقلق، وأضافت: “لفترة طويلة، جاءت معظم التدفقات من اليابان، لكنها بدأت بالتراجع مؤخرًا، أما أوروبا، فهي غير مهتمة كثيرًا، بصراحة. وإذا أضفنا هذا العامل، فإن آفاق الاقتصاد الأمريكي لا تبدو مشجعة”.
وشددت أونيل على أهمية استقلال البنوك المركزية، قائلة: “الهدف من استقلالية البنوك المركزية هو ضمان استقرار السياسة النقدية وقدرتها على التنبؤ إلى حد بعيد”.
الفضة تستعيد البريق: دعم صناعي وتناوب استثماري
وفيما يتعلق بالفضة، قالت أونيل إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدفعها للصعود مقارنةً بالذهب، اثنان منها قصيرتا الأجل، والثالث طويل الأمد، وأحد العوامل القصيرة يربط بين المرحلتين.
وأضافت: “في المدى القصير، ومع ازدحام سوق الذهب، بدأ بعض المستثمرين خارج البورصة، إلى جانب صناديق التحوط والشركات العائلية، في التحول نحو الفضة والبلاتين كمعدنين ما زالا أقل قيمة نسبيًا، لم يتخلوا عن الذهب تمامًا، لكن بعضهم خفف مراكزه فيه لصالح الفضة والبلاتين”.
وأشارت إلى أن هذا أدى إلى انتشار ما يُعرف بـ”تداول نسبة الذهب إلى الفضة”، وذكرت أن “النسبة كانت فوق 100 خلال معظم أبريل، لكنها تراجعت الآن نحو 90، ويتوقع الكثيرون أن تنخفض أكثر، أحد أسباب هذا التفاوت هو أن 70% من الطلب على الفضة يأتي من الاستخدامات الصناعية، ومع استمرار تعثر الاقتصاد الصيني، وتوتر الوضع الاقتصادي في أوروبا، وظهور علامات استفهام حول الاقتصاد الأمريكي، عاد الاهتمام بالفضة مجددًا إلى الواجهة”.
وأردفت: “السوق الآن في عجز هيكلي حتى قبل احتساب الاستثمارات الجديدة، ومن المتوقع أن يتسع هذا العجز مع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والخلايا الشمسية والكهرباء في المركبات”.
الذهب يتجاوز حاجز 3400 دولار والفضة تواصل الزحف
شهدت أسعار الذهب اليوم الثلاثاء موجة شراء قوية، دفعتها لتخترق مستوى المقاومة عند 3400 دولار، حيث بلغ السعر في آخر تداول 3426.07 دولارًا للأوقية، بارتفاع نسبته 0.86%.
كما ارتفعت أسعار الفضة صباحًا، مسجلة أعلى مستوى لها عند 39.220 دولارًا للأوقية، قبل أن تتراجع قليلًا. لكنها عادت للصعود مرة أخرى، وبلغت آخر تداولاتها 39.086 دولارًا، بارتفاع يومي نسبته 0.40%.