رغم تراجع الطلب على المجوهرات الذهبية بسبب العوامل الموسمية وانخفاض واردات الذهب إلى أدنى مستوى لها منذ 14 شهرًا في يونيو، فإن السوق الهندي لا يزال يحافظ على توازنه بدعم من إيرادات التجزئة القوية والطلب المتزايد على الذهب كأداة استثمار، بحسب ما أفادت به كافيتا تشاكو، رئيسة الأبحاث في مجلس الذهب العالمي.
وأوضحت تشاكو، في تقريرها الشهري، أن أسعار الذهب فقدت الزخم بنهاية يونيو، مكتفية بارتفاع طفيف على أساس شهري بنسبة 0.3%.
وأضافت أن الأسعار كانت قد تلقت دعمًا في بداية الشهر من تراجع الدولار الأمريكي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وضعف عوائد الخزانة الأمريكية، إلى جانب تدفقات إيجابية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs)، لكن تحوّل مزاج المستثمرين إلى الشراء في الأصول عالية المخاطر حدّ من مكاسب المعدن الثمين.
أداء قوي للذهب منذ بداية العام… رغم الضغوط
ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 2% في يوليو حتى الآن، مدفوعة بتجدد التوترات التجارية، لتصل مكاسب المعدن الأصفر منذ بداية 2025 إلى 28% بالدولار الأمريكي.
وفي السوق الهندية، أنهت أسعار الذهب شهر يونيو بارتفاع قدره 0.7% لتصل إلى 95,676 روبية لكل 10 جرامات، قبل أن تواصل الارتفاع بنسبة 1% إضافية في يوليو لتبلغ 97,095 روبية.
المجوهرات تتراجع… والطلب الاستثماري يتقدم
رغم هذا الأداء القوي، أضرّت الأسعار المرتفعة بالطلب على المجوهرات، وقالت تشاكو: “تراجع الطلب على المجوهرات بسبب انتهاء موسم الزفاف ودخول فترة الركود الموسمي في يونيو وأوائل يوليو، كما أن الأسعار المرتفعة دفعت المستهلكين إلى تأجيل المشتريات غير الضرورية أو التوجه نحو بدائل أقل تكلفة مثل المجوهرات الخفيفة أو ذات العيارات المنخفضة أو المشغولة بالأحجار”.
وتزايدت حالات استبدال المجوهرات القديمة لتقليل كلفة الشراء، بالتوازي مع تنامي الطلب الاستثماري على السبائك والعملات الذهبية والسلاسل البسيطة، التي يُنظر إليها كأدوات شبه استثمارية نظرًا لانخفاض تكاليف التصنيع المرتبطة بها، وفقًا للتقارير الواردة من السوق.
أرباح الشركات ترتفع رغم انخفاض الأحجام
وعلى الرغم من ضعف حجم الطلب، إلا أن أرباح شركات المجوهرات ارتفعت خلال الربع الثاني من العام المالي، وحققت كبرى الشركات المُدرجة نموًا سنويًا في الإيرادات يتراوح بين 18% و31%، مدعومًا بارتفاع أسعار الذهب بنسبة 32% مقارنة بالعام الماضي، فضلًا عن الطلب الموسمي خلال شهري أبريل ومايو.
كما واصلت المجوهرات المرصعة بالأحجار كسب أرضية في السوق كخيار لمواجهة ارتفاع الأسعار، بينما سجّلت القنوات الرقمية والامتيازات التجارية توسعًا ملحوظًا، حيث افتتحت الشركات الكبرى ما بين فرعين و19 فرعًا جديدًا خلال الربع.
صناديق الذهب الاستثمارية تسجل ثاني أعلى تدفقات في تاريخها
أظهر شهر يونيو طفرة في الطلب الاستثماري على الذهب، حيث سجّلت صناديق المؤشرات الذهبية (ETFs) تدفقات صافية بقيمة 20.8 مليار روبية (ما يعادل 242 مليون دولار أمريكي)، وهي ثاني أعلى تدفقات شهرية مسجلة على الإطلاق، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
ووصلت إجمالي أصول صناديق الذهب الهندية إلى 7.5 مليار دولار بزيادة سنوية قدرها 88%، فيما ارتفعت حيازاتها من الذهب إلى 66.7 طنًا، مع إضافة 2 طن في يونيو و9 أطنان خلال النصف الأول من 2025 – وهي أكبر زيادة نصف سنوية على الإطلاق.
وشهد عدد المستثمرين ارتفاعًا كبيرًا، حيث تم فتح 280 ألف حساب جديد في يونيو وحده، بزيادة 27% عن مايو و41% على أساس سنوي، ليرتفع إجمالي عدد الحسابات إلى 7.65 مليون حساب، في دلالة على تنامي أهمية الذهب كأصل استراتيجي في المحافظ الهندية.
البنك المركزي الهندي يستأنف الشراء… لكن بوتيرة بطيئة
في الجانب السيادي، استأنف بنك الاحتياطي الهندي شراء الذهب في يونيو، مضيفًا 0.4 طن بعد توقف دام ثلاثة أشهر، لترتفع احتياطيات الذهب الرسمية إلى أعلى مستوى تاريخي بلغ 880 طنًا.
لكن وتيرة الشراء تباطأت بشدة في 2025، إذ لم يُضف البنك سوى 3.8 طن خلال النصف الأول من العام، وهو أدنى مستوى نصف سنوي منذ ست سنوات، مقارنة بـ 37.1 طن في النصف الأول من 2024، ويرجح أن هذا التراجع يعكس نهجًا أكثر حذرًا نتيجة ارتفاع أسعار الذهب العالمية.
رغم ذلك، ارتفعت نسبة الذهب في احتياطيات النقد الأجنبي للهند إلى 12.1% من إجمالي الاحتياطيات، مقارنة بـ 8.7% قبل عام، وهي أعلى نسبة مسجلة على الإطلاق.
واردات الذهب تهوي بسبب الأسعار المرتفعة
أدت الأسعار المرتفعة أيضًا إلى هبوط حاد في واردات الذهب، حيث تراجعت إلى أدنى مستوى في 14 شهرًا في يونيو، لتنخفض للشهر الثالث على التوالي.
وبلغت قيمة الواردات 1.8 مليار دولار، بانخفاض 26% على أساس سنوي و28% على أساس شهري، وتشير التقديرات إلى أن حجم الواردات تراوح بين 19 إلى 24 طنًا فقط، مقابل 31 طنًا في مايو.
انتعاش مرتقب مع قرب موسم الأعياد
توقعت تشاكو أن يشهد الطلب على المجوهرات انتعاشًا اعتبارًا من منتصف أغسطس، مع بدء موسم الأعياد، في حين يُتوقع أن يظل الطلب الاستثماري قويًا خلال الأسابيع المقبلة، مدفوعًا بعدم اليقين الجيوسياسي وارتفاع أسعار الأصول الأخرى.