واصلت أسعار الذهب العالمية مسارها الصاعد خلال نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر، مدعومة بضعف الدولار الأمريكي واستمرار تدفقات الاستثمار، في وقت أظهرت فيه السوق الهندية تباينًا واضحًا بين تراجع الطلب على المشغولات الذهبية وصمود الطلب الاستثماري، وفق أحدث بيانات مجلس الذهب العالمي.
وسجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا بنسبة 4.5% خلال نوفمبر، قبل أن تضيف مكاسب جديدة بلغت 3.7% لتصل إلى نحو 4347 دولارًا للأوقية بحلول 12 ديسمبر، لترتفع مكاسب المعدن الأصفر منذ بداية العام إلى 67%.
وعلى الصعيد المحلي، تفوقت الأسعار في الهند على نظيرتها العالمية، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 73% منذ بداية العام، بدعم من تراجع قيمة الروبية الهندية بنحو 5.6%.
وأرجع مجلس الذهب العالمي هذا الأداء القوي إلى مجموعة من العوامل، أبرزها ضعف الدولار الأمريكي، واستمرار التوترات الجيوسياسية، إلى جانب التدفقات القوية إلى صناديق الذهب المتداولة في البورصات.
ضغط على المشغولات واتساع الخصومات
وفي المقابل، تداولت أسعار الذهب في السوق الهندية بأقل من السوق العالمي بنحو 30 دولارًا للأوقية بحلول منتصف ديسمبر، مقارنة بنحو 11 دولارًا فقط في بداية نوفمبر، في إشارة إلى تباطؤ الطلب على المشغولات الذهبية، رغم استمرار موسم حفلات الزفاف.
وأظهرت بيانات السوق أن أحجام مبيعات المشغولات تراجعت على أساس سنوي، متأثرة بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، خاصة في الشرائح المتوسطة والصغيرة التي تمثل العمود الفقري للطلب الجماهيري.
ورغم استمرار الطلب القوي على المشغولات الفاخرة، فإنه لم يكن كافيًا لتعويض ضعف الأحجام في بقية السوق، كما أسهمت تقلبات الأسعار في كبح قرارات الشراء اليومية والاستهلاكية.
الاستثمار يحافظ على قوته
في المقابل، حافظ الطلب الاستثماري على الذهب، لا سيما السبائك والعملات، على قوته، وهو ما انعكس في ارتفاع واردات الذهب خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر إلى نحو 340 طنًا، مقارنة بـ204 أطنان فقط خلال النصف الأول من العام، ما يعكس متانة الطلب المدفوع بأغراض التحوط والاستثمار.
كما واصلت صناديق الذهب المتداولة في الهند جذب التدفقات، حيث بلغ صافي التدفقات خلال نوفمبر نحو 37.4 مليار روبية (421 مليون دولار)، رغم تراجع الوتيرة مقارنة بالشهرين السابقين، وارتفعت حيازات هذه الصناديق بنحو 3 أطنان خلال الشهر، لتصل إلى 86.4 طنًا.
وبلغ إجمالي صافي التدفقات منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر مستوى قياسيًا قدره 313 مليار روبية (3.6 مليارات دولار)، مع زيادة الحيازات بنحو 28.6 طنًا، وهو أعلى مستوى إضافة سنوية على الإطلاق، مدفوعًا بتوسع قاعدة المستثمرين وارتفاع عدد الحسابات إلى 9.8 ملايين حساب.
احتياطيات البنك المركزي وتباطؤ الشراء
وعلى صعيد البنوك المركزية، أظهرت البيانات تباطؤًا ملحوظًا في مشتريات بنك الاحتياطي الهندي من الذهب خلال 2025، حيث لم يسجل البنك مشتريات سوى خلال أربعة أشهر فقط من العام، بإجمالي 4 أطنان، مقارنة بـ72.6 طنًا في عام 2024.
ومع ذلك، ارتفعت حصة الذهب في احتياطيات النقد الأجنبي للهند من 10% إلى 15.6%، مدفوعة بارتفاع الأسعار وتأثيرات التقييم، لترتفع حيازة البنك إلى مستوى قياسي بلغ 880.2 طنًا.
هبوط حاد في الواردات خلال نوفمبر
وشهدت واردات الذهب الهندية تراجعًا حادًا خلال نوفمبر، لتنخفض بنسبة 73% على أساس شهري و59% على أساس سنوي إلى نحو 4 مليارات دولار، مع انحسار الطلب بعد موسم الأعياد. وقدرت واردات الشهر بما يتراوح بين 32 و40 طنًا.
وبلغ إجمالي واردات الذهب منذ بداية العام نحو 55 مليار دولار، بزيادة طفيفة قدرها 2% مقارنة بالعام الماضي، رغم تراجع حجم الواردات بنحو 20% إلى حوالي 580 طنًا، ما يعكس أن الزيادة في القيمة تعود بالأساس إلى ارتفاع الأسعار.
وتشير التوقعات إلى أن فترة عدم الملاءمة التقليدية للشراء في السوق الهندية، الممتدة من منتصف ديسمبر إلى منتصف يناير، قد تضغط على الطلب على المشغولات الذهبية خلال الفترة المقبلة، في حين يُرجّح استمرار الزخم في الطلب الاستثماري، مدعومًا بحالة عدم اليقين الاقتصادي وتقلبات الأسواق العالمية.














































































