تشهد أسواق الذهب حالة نادرة من التقاء الطلب من الاقتصادات الشرقية والغربية، ما يدفع موجة صعود قوية للمعدن النفيس، فيما يقترب الفضة من تحرك كبير قد يعيدها إلى مستوياتها القياسية، وفقًا لما قاله تافي كوستا، الشريك والمستشار الاستراتيجي الكلي في شركة Crescat Capital.
وفي حديثه خلال مؤتمر PDAC 2025 في تورونتو، أشار كوستا إلى أن المقارنات التاريخية توحي بإمكانية حدوث إعادة تقييم كبيرة للذهب خلال الفترة المقبلة.
وأوضح كوستا أن تقرير شركته الأخير تناول إمكانية وصول أسعار الذهب إلى مستويات استثنائية إذا أعادت الولايات المتحدة تقييم احتياطياتها من الذهب مقابل حجم سندات الخزانة المتداولة.
وقال: “الأمر بالنسبة لي يتعلق بسندات الخزانة… لدينا سندات قائمة بقيمة 36 تريليون دولار. كم نملك من الذهب؟”
حاليًا، تمثل قيمة احتياطي الذهب الأمريكي نحو 2% فقط من قيمة سندات الخزانة القائمة، مقارنة بحوالي 17% في سبعينيات القرن الماضي، وما يقارب 40% في أربعينياته.
وأضاف كوستا: “إذا عدنا إلى نسبة 17%، فإن السعر قد يصل إلى 25,000 دولار للأوقية، وإذا عدنا إلى 40%، فنحن قريبون من 55,000 دولار للأوقية”، مشددًا على أن هذه ليست أهداف أسعار، بل لتوضيح إمكانات التغيير في التقييم.
وأشار إلى أن البنوك المركزية تواصل شراء الذهب بأعلى وتيرة منذ 50 عامًا منذ الأزمة المالية العالمية، في حين أن احتياطي الذهب الأمريكي في أدنى مستوياته منذ 90 عامًا.
ويرى كوستا أن هذا التباين قد يدفع الولايات المتحدة لإعادة النظر في سياستها تجاه الذهب.
كما أبدى كوستا قلقًا شديدًا من المبالغة في تقييم الدولار الأمريكي، معتبرًا أنه في ذروة تاريخه من حيث القوة المفرطة مقابل العملات الأخرى، مستشهدًا بفترات تاريخية شهدت انخفاض قيمة الدولار، مثل اتفاق بلازا 1985 وأحداث ثلاثينيات القرن الماضي. وقال: “ما نعرفه أن الدولار على الأرجح بلغ قمته، وهذه هي النقطة الجوهرية، كمستثمر، عليك أن تفكر: ماذا أفعل في هذا السيناريو؟”، مضيفًا أن ضعف الدولار سيكون بمثابة “ضوء أخضر” لفئات أصول طال تجاهلها لفترة طويلة، مثل الأسواق الناشئة والموارد الطبيعية.
وبشأن الفضة، يرى كوستا أنها “على وشك العودة إلى مستوياتها القياسية”، مشيرًا إلى أداء سعري إيجابي على المدى القصير، معتبراً أن المشتقات المرتبطة بالذهب، بما في ذلك الفضة، تبدو جذابة حاليًا.
وقال: “لن أستغرب إذا شهدنا قفزة في أسعار الفضة لتغلق على قمة فصلية عند نحو 40 دولارًا”، مضيفًا أن النمط التاريخي المعروف بـ”الكوب والعروة” يشير إلى اقتراب اختراق صعودي محتمل، خاصة مع محدودية المعروض وارتفاع الطلب.
وبالنظر إلى توقعاته بشأن الدولار والمعادن النفيسة، أوصى كوستا بإعادة موازنة المحافظ الاستثمارية بالابتعاد عن قطاع التكنولوجيا وزيادة الانكشاف على السلع والأسواق الناشئة، مشيرًا إلى الفجوة الكبيرة في التقييم بين الأسهم الأمريكية والأسواق الناشئة. كما لفت إلى احتفاظ مستثمرين كبار مثل وارن بافيت بسيولة ضخمة، ما قد يمهد لإعادة ضخها في الأسواق عند توفر تقييمات أكثر جاذبية.