رغم التذبذب الحاصل في أسعار الذهب العالمية والمحلية، تشهد أسواق الذهب في مصر حالة غير مسبوقة من الركود، حيث سجلت المشتريات تراجعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما أكدته بيانات مجلس الذهب العالمي، وأكده أيضًا تجار.
20% انخفاض في الطلب: قراءة في الأرقام
كشف تقرير مجلس الذهب العالمي عن انخفاض مشتريات المصريين من الذهب بنسبة 20% خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وسجلت المشتريات نحو 6.4 طن فقط، مقارنة بـ 8 أطنان في الربع الأول من عام 2024، هذا التراجع يمثل أكبر انخفاض فصلي منذ عام 2020، متجاوزًا التوقعات في ظل استمرار الاضطرابات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.
السوق يتنفس بالكاد: أصوات من قلب الصاغة
قال عماد سعد رئيس مجلس إدارة شركة أفريو جولد، إن أسواق الصاغة ” فاضية” والسوق يمر بحالة ركود غير مسبوقة، نتيجة ارتفاع الأسعار، وتآكل القوة الشرائية للطبقة المتوسطة، وارتفاع تكاليف الزواج، وتحويل الاهتمام نحو استثمارات أخرى أكثر سيولة مثل الدولار والعقارات.
أضاف، وأغلب المشتريات من الأوزان الصغيرة من المشغولات، والشركات تتحمل أعباء مالية كبيرة من رواتب العاملين، في إطار الحفاظ على العمالة المؤهلة والمدربة لديها، بجانب المسؤولية المجتمعية التي تدفعها للحفاظ على استقرار الاملين المداي والحفاظ على بيوتهم.
السعر وحده لا يكفي
أضاف، سعد، أن على الرغم من تسجيل انخفاض نسبي في أسعار الذهب المحلية خلال مايو الجاري، فإن هذا لم يكن كافيًا لتحفيز الإقبال، ولم ينعكس على زيادة المبيعات، بل على العكس، ظلت حركة البيع شبه متوقفة، ما يشير إلى أن الطلب محكوم بالعوامل المعيشية أكثر من الأسعار اللحظية.
ماذا يشتري المصريون الآن؟
لفت، سعد، إلى تحول ملحوظ في سلوك الشراء، وسط تراجع الإقبال على السبائك (التي كانت خيارًا مفضّلًا للاستثمار)، بجانب انخفاض مبيعات المشغولات ذات الوزن الثقيل، لكن الأسواق تشهد تزايد الاعتماد على أوزان الذهب الخفيفة ، والتي تتوافق مع القدرة الشرائية للمواطنين.
الذهب عالميًا: طلب مرتفع وأسعار متقلبة
على الجانب العالمي، سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا خلال الأشهر الماضية، مدفوعة بتزايد التوترات الجيوسياسية، والمخاوف من الركود في الولايات المتحدة، واستمرار البنوك المركزية في شراء الذهب كمخزن للقيمة، لكن هذا لم ينعكس بالضرورة على الأسواق المحلية، التي تعاني من ظروف خاصة بها، مثل، سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والجمارك والضرائب على المشغولات، والتضخم المحلي.
توقعات السوق: إلى أين يتجه الذهب؟
يتوقع المحللون أن تستمر حالة التذبذب في الأسعار على المستويين المحلي والعالمي، مع بقاء الطلب ضعيفًا محليًا ما لم يحدث تغيير كبير في الأوضاع الاقتصادية الداخلية، ويرجّح البعض أن يتواصل الركود في المبيعات حتى نهاية الصيف، ما لم يتم تخفيف الضغوط على المستهلكين من خلال مبادرات حكومية أو انخفاض ملموس في الأسعار.
رغم تراجع الأسعار نسبيًا، فإن الطلب على الذهب في مصر يعيش واحدة من أضعف فتراته في السنوات الأخيرة، نتيجة تزايد الضغوط الاقتصادية والمعيشية. ومع أن الذهب سيظل ملاذًا آمنًا، إلا أن المشتري المصري يبدو الآن في موقع الانتظار، بانتظار تحسن الظروف.