في ظل تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغوط التجارية بإعلانه عن نية فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 50% على الواردات الأوروبية، حذّر مركز أبحاث أمريكي من أن هذه السياسات قد تدفع دولًا عدة—خصوصًا الأسواق الناشئة—إلى اعتماد الذهب كبديل للدولار في النظام المالي العالمي.
ووفقًا لمقال رأي نشرته كيمبرلي دونوفان، مديرة “مبادرة الدولة الاقتصادية” في مجلس الأطلسي، ومايا نيكولادزه، نائبة المدير، فإن العديد من الدول بدأت فعليًا في البحث عن بدائل آمنة خارج هيمنة الدولار، ويأتي الذهب في مقدمة هذه البدائل، سواء عبر احتياطات ملموسة أو عبر أدوات رقمية مدعومة بالمعدن النفيس.
جاء في المقال: “العديد من الدول، بما في ذلك خصوم الولايات المتحدة، باتت تستخدم الذهب للالتفاف على العقوبات الأمريكية وتمويل أنشطة تهدد الأمن القومي الأميركي”.
ارتفاع غير مسبوق في مشتريات البنوك المركزية من الذهب
أشارت الكاتبتان إلى أن البنوك المركزية حول العالم تواصل تعزيز احتياطاتها من الذهب، حيث أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن الشراء خلال الربع الأول من عام 2025 بلغ 243.7 طن، بزيادة نسبتها 24% عن متوسط السنوات الخمس الماضية، رغم التباطؤ مقارنة بذروة الشراء في 2022.
وتُعد روسيا نموذجًا بارزًا لهذا التوجه، إذ يُعتقد أن وزارة المالية الروسية تشتري الذهب من المنتجين المحليين بشكل غير معلن لتعزيز احتياطاتها، بينما يُستخدم الذهب أيضًا في التجارة غير الرسمية مع دول مثل الإمارات وتركيا، وفق التقرير.
ابتكارات رقمية مدعومة بالذهب: العملات المشفّرة تدخل على الخط
لم تعد المسألة مقتصرة على احتياطات الذهب فقط، بل ظهرت مؤخرًا توجهات لاستخدام الذهب في إنشاء عملات رقمية مستقرة. فقد أعلنت وزارة المالية في قيرغيزستان هذا الشهر عن خطط لإطلاق عملة رقمية مستقرة مدعومة بالذهب تحت اسم USDKG في الربع الثالث من 2025، على أن تكون مغطاة بالكامل باحتياطات ذهبية بقيمة 500 مليون دولار، مع هدف للوصول إلى ملياري دولار.
وسيكون بمقدور حاملي العملة استبدالها بالذهب أو العملات المشفرة أو العملات الورقية، مما يعزز قدرة هذه الدولة الصغيرة—التي تمثل التحويلات الخارجية ثلث ناتجها المحلي—على تنفيذ المعاملات عبر الحدود دون المرور بالنظام المالي الأميركي.
مخاوف أمريكية من فقدان السيطرة على النظام المالي العالمي
يحذّر التقرير من أن العملات الرقمية المدعومة بالذهب—وخصوصًا في دول خاضعة لعقوبات مثل روسيا أو تلك التي تربطها بها علاقات مالية—قد تُستخدم كأدوات لتفادي العقوبات الغربية، في ظل غياب الرقابة الأميركية عليها.
وقال التقرير إن الاهتمام الروسي بنظام USDKG تحديدًا قد يكون وسيلة للوصول إلى تقنيات خاضعة للقيود الغربية، عبر نظام مالي بديل لا يمر بالدولار أو البنوك الأميركية.
دعوة لإعادة التفكير في السياسات الاقتصادية الأميركية
في ختام التحليل، حثّت الكاتبتان الإدارة الأميركية على الابتعاد عن السياسات العقابية التي تدفع الدول للبحث عن بدائل للدولار، وعلى رأسها الذهب، ودعتا إلى تعزيز الاستقرار المالي من خلال دعم الدول الضعيفة اقتصاديًا وتوسيع الروابط التجارية والاستثمارية معها.