بعد شهر أبريل الذي شهد أعلى تقلبات في أسعار الذهب خلال 25 عامًا، جاء شهر مايو ليحمل طابعًا مشابهًا من حيث الزخم وإن كان بدرجة أقل، فقد تحرك الذهب في نطاق سعري بلغ نحو 325 دولارًا خلال الشهر، مقارنة بنطاق بلغ 540 دولارًا في أبريل، ومع ذلك يبقى هذا أعلى بكثير من متوسط التحركات الشهرية منذ 2020، الذي لم يتجاوز 89 دولارًا.
بيئة مشحونة بالتقلبات
تشير المعطيات إلى أن المستثمرين يجدون صعوبة متزايدة في مواكبة التقلبات السريعة المرتبطة بالسياسات الأميركية، خصوصًا ما يتعلق بالتوترات التجارية. فبينما تشير بعض التصريحات إلى تهدئة النزاع التجاري، تظهر بين لحظة وأخرى تهديدات جديدة تعيد الذهب إلى الواجهة كملاذ آمن.
هذا التذبذب المستمر يخلق بيئة عاطفية تؤدي إلى قرارات استثمارية خاطئة، وهو ما يجعل من الضروري للمتداولين النظر إلى الصورة الكبرى بدلًا من التعلق بتقلبات السوق اليومية.
العوامل الجوهرية تظل داعمة للذهب
-
السياسات التجارية الأمريكية: أسلوب الرئيس دونالد ترامب في إدارة النزاعات التجارية ودوره في ما يُعرف بـ”تسليح الدولار” دفع البنوك المركزية العالمية إلى الابتعاد تدريجيًا عن الاعتماد على العملة الأميركية.
-
الذهب كأصل آمن: في ظل هذه التحولات، تواصل البنوك المركزية شراء الذهب كوسيلة لحماية احتياطاتها النقدية من المخاطر المرتبطة بالسياسة الأميركية وتقلبات الأسواق.
-
غياب المخاطر الطرف الثالث: يظل الذهب هو الأصل النقدي الوحيد عالميًا الذي لا يعتمد على طرف ثالث، وهو ما يعزز مكانته في الأوقات المضطربة.
مؤشرات اقتصادية تُظهر ضعفًا متزايدًا
-
انكماش اقتصادي: بيانات الناتج المحلي الإجمالي المعدلة أظهرت انكماشًا بنسبة 0.2% في الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأول، مقارنة بتوقعات أولية بانكماش 0.3%.
-
تباطؤ الاستهلاك: تم تعديل نمو الاستهلاك في الربع الأول إلى 1.2% نزولًا من التقدير الأولي البالغ 1.8%، وهو ما يعكس تراجعًا في ثقة المستهلك.
-
بيانات الدخل والإنفاق الشخصي (PCE): ارتفع الدخل الشخصي بنسبة 0.8% في أبريل، بينما زاد الإنفاق بنسبة 0.2% فقط. كما بلغت معدلات الادخار 4.9%، وهي الأعلى منذ عام.
هذه المؤشرات مجتمعة تعكس حالة من التحفظ المالي لدى المستهلكين، وهو ما يُعتبر عادة مؤشرًا على اقتراب عاصفة اقتصادية—وهي البيئة المثلى لارتفاع أسعار الذهب.
رغم التراجع النسبي في نطاق حركة الذهب في مايو مقارنة بأبريل، تظل العوامل الأساسية الداعمة قوية، من تقلبات السياسة الأميركية إلى تباطؤ النمو العالمي. وعلى المستثمرين التركيز على هذه الأسس طويلة المدى بدلًا من الانجرار وراء تقلبات آنية.