سجلت أسعار الذهب مكاسب قوية في تعاملات اليوم الأربعاء، مدفوعة بانخفاض الدولار الأمريكي وتراجع عوائد سندات الخزانة، عقب صدور بيانات تضخم أمريكية عززت من التوقعات بخفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة.
وارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 في السوق المحلي بقيمة 40 جنيهًا ليصل إلى 4675 جنيهًا، مقابل 4635 جنيهًا بنهاية تعاملات أمس. كما ارتفعت الأوقية عالميًا بنحو 43 دولارًا لتسجل 3372 دولارًا، مقارنة بـ3329 دولارًا أمس.
وسجل الجرام عيار 24 نحو 5343 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4007 جنيهات، بينما بلغ عيار 14 نحو 3117 جنيهًا. وارتفع سعر الجنيه الذهب إلى 37400 جنيه.
وكانت أسعار الذهب قد تراجعت في جلسة الأمس بنحو 20 جنيهًا، تزامنًا مع انخفاض الأوقية عالميًا، قبل أن تعود للارتفاع اليوم مع هبوط مؤشر الدولار.
بيانات التضخم الأمريكي تحرّك الأسواق
صدرت اليوم بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر يونيو، لتكشف عن تباطؤ غير متوقع في وتيرة التضخم على مستوى المنتجين، حيث لم تسجل القراءة الشهرية أي تغيير، مقارنة بتوقعات بزيادة 0.2%. وعلى أساس سنوي، ارتفع المؤشر بنسبة 2.3%، مقابل توقعات بـ2.5%، وقراءة سابقة بلغت 2.6%.
المؤشر الأساسي – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة – سجل نفس النمط، عند 0.0% شهريًا و2.6% سنويًا، بما يقل عن التقديرات السابقة.
وفي المقابل، أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي نموًا بنسبة 0.3%، متجاوزًا التوقعات البالغة 0.1%، وهو ما خفف بعض المخاوف بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي الأمريكي.
هذه الأرقام تشير إلى تراجع في ضغوط الأسعار من جهة العرض، ما قد يُعزز الآمال في تحوّل أكثر مرونة في سياسة الاحتياطي الفيدرالي، الأمر الذي يصب في مصلحة الذهب على المدى القريب.
السياسة النقدية والذهب.. ترقب مشوب بالحذر
رغم إشارات التباطؤ في التضخم، لا يزال صانعو السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي مترددين في تغيير نهجهم التقييدي، في ظل غياب إشارات قاطعة على تباطؤ فعلي في الأسعار.
وكان تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الصادر أمس الثلاثاء قد أظهر ارتفاع التضخم الرئيسي إلى 2.7% سنويًا، فيما بلغ التضخم الأساسي 2.9%، ما فاق التوقعات، وأدت هذه البيانات إلى خفض احتمالات خفض أسعار الفائدة في المدى القريب، ما شكل ضغطًا على أسعار الذهب، الذي يتحرك عادة بعكس الفائدة والدولار.
غموض في القيادة.. وقلق في الأسواق
أثار تصاعد التكهنات بشأن مصير رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حالة من الترقب في الأسواق، بعد تلميحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إمكانية تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت خلفًا له، رغم إقراره بأنه ليس “الخيار الأول”.
وصرح بيسنت بأن ترامب لا ينوي إقالة باول حاليًا، لكنه أشار إلى بدء إجراءات اختيار بديل محتمل، هذه التحركات زادت من الشكوك حول استقلالية البنك المركزي، خاصة وسط استمرار الضغوط التضخمية والضغوط السياسية في آنٍ واحد.
رسوم تجارية ومخاطر جيوسياسية تعزز بريق الذهب
وفي سياق متصل، لا تزال حالة عدم اليقين الجيوسياسي والتجاري تُلقي بظلالها على الأسواق، حيث هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك اعتبارًا من أغسطس، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة.
وفي المقابل، أعلن عن اتفاق مع إندونيسيا لخفض الرسوم الجمركية إلى 19% بدلاً من 32%، مقابل التزامات بشراء طائرات أمريكية وزيادة واردات الطاقة والمنتجات الزراعية، هذه التطورات دفعت المستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الذهب كأداة تحوط في مواجهة تقلبات السياسات التجارية.
البنوك المركزية تدعم الذهب عبر مشتريات قوية
أظهر تقرير حديث لمجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية واصلت تعزيز احتياطاتها من الذهب خلال شهر مايو، حيث أضافت نحو 20 طنًا، بقيادة كازاخستان (7 أطنان) وتركيا وبولندا (6 أطنان لكل منهما). بينما باعت سنغافورة نحو 5 أطنان خلال نفس الفترة.
كما أضاف بنك الشعب الصيني نحو 2.2 طن في يونيو، ليواصل بذلك سلسلة مشتريات استمرت ثمانية أشهر متتالية، بإجمالي بلغ 34.2 طنًا منذ نوفمبر الماضي.
التوقعات: الذهب في حالة تماسك.. ولكن!
رغم تراجع الآمال بشأن خفض قريب للفائدة، لا تزال عدة عوامل تدعم الذهب، منها ضعف الدولار، واستقرار عوائد السندات، وتزايد المخاطر الجيوسياسية والتجارية.
ويرجّح مراقبون أن يبقى الذهب في نطاق تداولاته الحالية، على أن يكون اختراق مستوى 3375 دولارًا للأوقية إشارة محتملة نحو استهداف 3450 دولارًا خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا استمرت بيانات التضخم في إظهار مؤشرات تباطؤ.