تلقى الذهب دفعة قوية من التصريحات “الحمائمية” لأحد أبرز أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي يبدو أنه يسعى لخلافة جيروم باول على رأس البنك المركزي الأمريكي، بحسب تحليل لـ”ثو لان نجوين”، رئيسة أبحاث العملات والسلع في “كومرتس بنك”.
وكتبت نجوين في مذكرة بحثية:”حصل المعدن الثمين على دعم من تصريحات متشائمة من داخل الفيدرالي الأمريكي، حيث جدد الحاكم كريستوفر والر دعوته إلى خفض سعر الفائدة الأساسية في أقرب وقت ممكن بدءًا من يوليو”.
وأضافت:”بشكل عام، يدعو والر إلى خفض إجمالي يتراوح بين 125 و150 نقطة أساس، ليصل معدل الفائدة إلى المستوى (الحيادي) البالغ حوالي 3%. وقد استشهد ببيانات التضخم الأخيرة، والتي جاءت معتدلة رغم فرض تعريفات جمركية أمريكية جديدة”.
صراع داخل الفيدرالي وتكهنات سياسية
ورغم أن موقف والر الحاد لا يُتوقع أن يغيّر توجه رئيس الفيدرالي جيروم باول أو الأعضاء الأكثر تشددًا، إلا أن هذه التصريحات تضيف بُعدًا سياسيًا جديدًا داخل أروقة البنك المركزي.
وقالت نجوين:”تصريحات والر لم ترفع احتمال خفض الفائدة خلال الاجتماع المقبل، إذ أن باول وأعضاء آخرين كانوا ليشيروا إلى ذلك سلفًا، لكنها عززت من فرص والر في خلافة باول على رأس الفيدرالي العام المقبل، لا سيما وأن تصريحاته من المرجح أن تلقى قبولاً لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
وأشارت إلى أن “مرونة والر حيال زيادات الأسعار الناتجة عن الرسوم الجمركية تعني استعداده أيضًا لقبول ارتفاع مؤقت في التضخم”، موضحة أن ذلك “يعزز جاذبية الذهب بفعل تراجع العائد الحقيقي”.
وأضافت:”إذا كان المرشحون الآخرون المحتملون لرئاسة الفيدرالي يشاركونه هذا التوجه، فإن السعر القياسي الأخير للذهب عند 3500 دولار للأونصة قد يتم تجاوزه قريبًا”.
ترامب يصعّد هجومه على باول
وشنّ ترامب هجمات شخصية متكررة على جيروم باول في الأشهر الماضية، واصفًا إياه بـ”الأحمق”، و”المتأخر دائمًا”، ودعا إلى خفض الفائدة بما لا يقل عن 3% لتصل إلى نطاق يتراوح بين 1.25% و1.5%.
هذا الوضع يخلق حالة من الضبابية في الأسواق، وقد يؤدي إلى تفاقم التقلبات، مع تصاعد المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي الأميركي.
تحذيرات من فقدان “القوة الخارقة” للفيدرالي
وفي مذكرة بتاريخ 17 يوليو، وصفت “إيبك أوزكارديسكايا”، كبيرة المحللين في بنك “سويسكوت”، استقلالية الفيدرالي بأنها “قوته الخارقة”، محذّرة من أن أي تقويض لها قد يؤدي إلى عواقب دراماتيكية:”إذا تراجعت مصداقية الفيدرالي، فسيفقد أهم أدواته وهي القدرة على شراء الدين الحكومي لدعم الأسواق. نجاح التيسير الكمي عبر العقود الماضية كان قائمًا على تلك الثقة الاستثنائية”.
ودعت أوزكارديسكايا المستثمرين إلى مراقبة الملاذات الآمنة عن كثب، قائلة:”يبدو أننا على أعتاب تحركات حادة في الفيدرالي خلال الخريف المقبل”.
الذهب في بؤرة الضوء
وفي السياق نفسه، قال “مايكل براون”، كبير المحللين في “بيبرستون”، إن إدارة ترامب تسعى لتقويض استقلالية السياسة النقدية، سواء الآن أو من خلال تعيين بديل لباول في مايو المقبل.”هذه التحركات ستبقي المستثمرين الدوليين في حالة قلق دائم، وتدفع مديري الاحتياطيات إلى البحث عن بدائل للدولار، وهنا يتألق الذهب”، وفق تعبيره.
أما “نعيم أسلم”، مدير الاستثمار في “زاي كابيتال ماركتس”، فقد أكد أن تصاعد التوترات السياسية داخل الفيدرالي يعزز فرص الذهب:”إذا ارتفعت حدة الضغوط السياسية على الفيدرالي، فمن المرجح أن نشهد تقلبات كبيرة في الأسواق، وسيعود الذهب ليؤدي دوره التاريخي كأداة تحوط في أوقات الاضطراب”.