قال أسامة زرعي، رئيس قسم التحليل بشركة “جولد إيرا”، إن الارتفاعات الأخيرة التي سجلها الذهب في الأسواق العالمية دفعت الشركة إلى توسيع نطاق أدوات التحليل الفني والأساسي، بهدف فهم أعمق للمتغيرات التي قد تؤثر في المسار السعري للمعدن الأصفر خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح زرعي أن تحركات الذهب خلال الأسبوع الماضي كانت مخالفة للعديد من النظريات التي تعتمدها الشركة، مما دفع الفريق البحثي إلى تحليل الظواهر “الشاذة” التي طرأت على السوق، وساهمت في استمرار الصعود رغم معطيات ترجّح الهبوط.
وأشار إلى أن حجم الخسائر الناتجة عن البيع على المكشوف في السوق بلغ نحو 2.2 مليار دولار، وهو ما يُعد رقمًا مؤثرًا، خصوصًا أن عقود تلك الصفقات تنتهي يوم الإثنين 27 مايو.
وأضاف: “هذا العامل وحده يعزز احتمالات تراجع الأسعار، مع انكشاف هذه العقود وضغط التصفية”.
وأكد زرعي أن السيناريو الفني يشير إلى حالة غير معتادة إذا ما أغلقت أسعار الذهب عند مستوى 3358 دولارًا للأوقية – وهو الأعلى خلال مايو – إذ ستكون قيمة التنفيذ خلال الشهر أكبر بثلاث مرات من حجم التداول في يونيو وديسمبر، وهو ما يُعد استثناءً حادًا لم تشهده الأسواق منذ خمس سنوات.
ظواهر تاريخية تدعم سيناريو الهبوط
وتابع زرعي بالقول إن حالات مماثلة سُجّلت سابقًا رغم كثافة البيع، منها ما حدث قبيل انتهاء صلاحية عقود ديسمبر 2024، حينما ارتفعت الأسعار بقوة قبل أن تهبط بـ2.2% مع نهاية مدة العقود، وكذلك الأمر في عقود مارس 2025، حيث تكرر النمط ذاته.
واستنتج زرعي: “استنادًا إلى هذا النمط السعري المتكرر، نعتقد أن احتمالية حدوث تصحيح هبوطي تصل إلى 60%، مع بداية انخفاض قد يبلغ 7%”.
تقييم العوامل الاقتصادية: التضخم لا يدعم استمرار الصعود
وعن أبرز محددات السوق، أوضح زرعي أن الشركة استبعدت الضوضاء المرتبطة بعوامل مثل الدولار، وعوائد السندات، ونسبة الذهب إلى الفضة، مركزةً على مقياس توقعات التضخم المعدلة باعتبارها العامل الأهم.
وبيّن أن مستوى التضخم المعدّل بلغ 7.96% عندما بلغ الذهب 3500 دولار في 21 أبريل، بينما لم يتجاوز 7.95% في إغلاق يوم 23 مايو، ما يعكس استقرارًا نسبيًا في التوقعات ويشير إلى أن الأسعار ربما بلغت ذروتها.
ضعف شهية الشراء وتخارج السيولة يضغطان على السوق
وأضاف زرعي أن مراجعة سلوك المستثمرين في بورصة “كوميكس” أظهرت أن نشاط الشراء لا يدعم الاتجاه الصاعد، حيث تراجع متوسط طلبات الشراء إلى 3 ملايين أوقية فقط، مقابل 9 ملايين خلال ذروة الأسعار في أبريل.
كما كشف عن بيانات صادرة عن بنك أوف أمريكا تشير إلى أن السوق شهد ثالث أكبر تدفقات خارجة على الإطلاق، بقيمة 2.9 مليار دولار، وهي الأعلى منذ عام 2013.
مستويات الدعم والمقاومة المتوقعة
واختتم زرعي بالتأكيد على أن التحليل الحالي يبقى مرهونًا بقراءة السوق، وقد يصيب أو يخطئ، موضحًا أن الشركة تتوقع هبوط الذهب إلى مستوى 3270 دولارًا كهدف أولي، وقد يمتد التراجع إلى 3120 دولارًا، مع مقاومة قوية بين مستويات 3370 و3390 دولارًا.