في أحد عطلات نهاية الأسبوع من فبراير 2003، نفذ خمسة رجال ما يُعتبر على نطاق واسع أكبر سرقة ألماس في التاريخ، وذلك في مدينة أنتويرب البلجيكية.
بقيادة ليوناردو نوتاربورتولو، تمكنت مجموعة صغيرة من اللصوص، أُطلق عليها اسم مدرسة تورينو نسبةً إلى مدينتهم الإيطالية، من تنفيذ عملية هادئة في حي الألماس بأنتويرب على مدار عطلة نهاية الأسبوع 15–16 فبراير، حيث استولوا على ما لا يقل عن 100 مليون دولار من الألماس والذهب ومقتنيات أخرى.
ورغم مرور عقود على وقوع الجريمة، فإن معظم المسروقات لم يُعثر عليها قط، ولا يزال الغموض يكتنف كيفية تمكن العصابة من تجاوز نظام الأمن المحكم في الخزنة تحت الأرض، وهو ما يثير جدلاً مستمرًا في مسار التحقيق.
استنادًا إلى كتاب Flawless: Inside the Largest Diamond Heist in History للكاتبين سكوت أندرو سيلبي وجريج كامبل، يحاول فيلم وثائقي جديد على نتفليكس بعنوان Stolen: Heist of the Century، الذي عُرض لأول مرة في 8 أغسطس، فك ألغاز واحدة من أكثر الجرائم غموضًا في العالم، وكيف تمكن نوتاربورتولو مع فريقه من تنفيذها.
من شارك في سرقة ألماس أنتويرب؟
إلى جانب نوتاربورتولو، شارك أربعة آخرون في السرقة من مركز أنتويرب للألماس: سبيـدي، والوحش، والعبقري، وملك المفاتيح.
-
سبيـدي: صديق وشريك قديم لنوتاربورتولو، كان مسؤولاً عن إطلاعه على تقدم الفريق طوال العملية والتواصل معه لضمان هروب سريع. وصفه نوتاربورتولو في مقابلة عام 2009 مع مجلة WIRED بأنه شخص متوتر بطبعه، ورآه الفريق نقطة ضعف محتملة.
-
الوحش: خبير في فتح الأقفال والكهرباء والميكانيكا والقيادة، ويمتاز بقوة بدنية كبيرة.
-
العبقري: مختص في الإلكترونيات وأنظمة الإنذار.
-
ملك المفاتيح: أكبر سنًا من الآخرين، وأحد أفضل صانعي المفاتيح المقلدة في العالم.
رفض نوتاربورتولو ذكر أسمائهم الحقيقية، لكن الشرطة البلجيكية تعرفت على سبيـدي والوحش والعبقري بأنهم بيترو تافانو، فيرديناندو فينوتو، وإيليو دأونوريو، على التوالي. أما ملك المفاتيح فهو العضو الوحيد الذي لم يُسجن ولم تُعرف هويته.
وأكد نوتاربورتولو أن أياً من أعضاء الفريق لم يكن العقل المدبر الفعلي للعملية، بل جرى استئجارهم من قبل تاجر ألماس في أنتويرب لتنفيذ السرقة. كما وجهت السلطات الإيطالية أصابع الاتهام إلى ابن عمه بينيديتو كابيزي، وهو شخصية يُزعم ارتباطها بالمافيا الصقلية، لكنه نفى أي صلة بالجريمة.
كيف اخترقت مدرسة تورينو مركز أنتويرب للألماس؟
كانت خزنة المركز محمية بـ 10 طبقات أمنية، تمكن الفريق من تجاوزها واحدة تلو الأخرى.
وفقًا لنوتاربورتولو، الذي كان يستأجر مكتبًا في المبنى منذ عام 2000، قام تاجر الألماس المزعوم ببناء نسخة مطابقة للخزنة في مكان بعيد لتدريب الفريق على كيفية التحايل على أنظمة الأمن، والتي شملت:
-
قرص أرقام بمليون احتمال،
-
أقفال مغناطيسية،
-
أجهزة استشعار للزلازل، والضوء، والحرارة، والحركة.
خلال العملية، تسلل سبيـدي والوحش والعبقري وملك المفاتيح عبر شرفة صغيرة في الطابق الثاني، مزودة بجهاز استشعار بالأشعة تحت الحمراء. استخدم العبقري درعًا من البوليستر لمنع المستشعر من التقاط حرارة أجسامهم، ثم عطّل حساس الإنذار في نافذة الشرفة، ودخلوا المبنى بينما بقي نوتاربورتولو في سيارة الهروب.
من حيلهم الأخرى:
-
رش أجهزة استشعار الحرارة برذاذ مثبت الشعر لعزلها مؤقتًا،
-
استخدام لوح ألومنيوم لإعادة محاذاة المستشعر المغناطيسي،
-
تغطية مستشعرات الضوء بالشريط اللاصق.
بمجرد دخول الخزنة، فتحوا 109 من أصل 189 صندوق ودائع، واستولوا على ما فيها من مجوهرات ونقود، ثم غادروا فجرًا متجهين إلى شقة نوتاربورتولو قبل العودة إلى إيطاليا.
كيف تم القبض عليهم؟
كان أغلب الأدلة في كيس قمامة أُلقي بإهمال على جانب طريق قرب بروكسل.
روى نوتاربورتولو أنه كان مع سبيـدي للتخلص من الكيس بحرقه، لكن الأخير أصيب بذعر، فألقى محتوياته في طريق ترابي بشكل عشوائي.
صادف أن صاحب الأرض، أوغست فان كامب، أبلغ الشرطة، التي وجدت في القمامة: فاتورة باسم نوتاربورتولو، وبطاقة عمل بها عنوان ورقم هاتف دأونوريو، وأدلة أخرى قادتهم إلى الجناة.
الأحكام
-
نوتاربورتولو: أُلقي القبض عليه في أنتويرب بعد أيام من السرقة، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات.
-
فينوتو (“الوحش”): أُلقي القبض عليه في إيطاليا عام 2007، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات.
-
دأونوريو (“العبقري”): سُلِّم إلى بلجيكا عام 2007، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات.
-
تافانو (“سبيـدي”): حكمت عليه إيطاليا بالسجن 5 سنوات.
-
ملك المفاتيح: لم يُعرف مكانه ولم يُقبض عليه قط.
أين هم الآن؟
أُفرج عن نوتاربورتولو بشروط بعد قضاء مدة من عقوبته، ويعيش الآن مع زوجته في الريف قرب تورينو، ويدير مشروعًا صغيرًا لإنتاج حبيبات الخشب للمدافئ. أما أماكن بقية أعضاء الفريق فغير معروفة بعد انتهاء محكومياتهم.
لا يزال معظم المسروقات مفقودًا، ويواصل نوتاربورتولو الادعاء بأن العملية كانت جزءًا من احتيال تأميني من قبل بعض تجار الألماس، وهو ما ترفضه الشرطة، وما زالت الكثير من تفاصيل التخطيط والتنفيذ والقيادة الحقيقية للعملية لغزًا حتى اليوم.