قال أسامة زرعي، مدير قسم التحليل الاقتصادي والفني بشركة جولد إيرا، إن الفجوة السعرية الحالية بين سوق الذهب في شنجهاي ولندن تمثل علامة فارقة يجب التوقف عندها، إذ يتم تداول الذهب في الصين بخصم كبير يصل إلى 1.3% مقارنة بسعر بورصة لندن (LBMA)، وهو أوسع خصم منذ فترة جائحة كورونا عندما كانت سلاسل الإمداد العالمية معطلة بالكامل.
وأضاف زرعي أن هذه الظاهرة غير مألوفة، لأن الصين تعد أكبر مستهلك عالمي للذهب، وكان من الطبيعي أن تُتداول الأسعار لديها بعلاوة سعرية (Premium) أعلى من لندن، ما يعكس الطلب القوي، “لكن حين يتحول الوضع إلى خصم (Discount)، فهذه إشارة على وجود خلل، سواء من زيادة في المعروض، أو ضعف في الطلب، أو حتى مشاكل لوجستية لدى التجار والموزعين”، على حد تعبيره.
وأوضح أن فكرة المراجحة (Arbitrage) بين السوقين تبدو نظرية أكثر منها عملية، قائلاً: “شراء الذهب من الصين وبيعه في لندن بفارق 1.3% ليس بالسهولة المتصورة، فتكاليف النقل والتأمين والجمارك مرتفعة، وهناك قيود حكومية على الصادرات والواردات، بالإضافة إلى اختلاف معايير السبائك بين السوقين”.
وتابع زرعي: “هناك عدة احتمالات وراء اتساع الفجوة في سبتمبر، قد يكون بينها بيع مؤسسات وبنوك صينية كبرى بحثًا عن السيولة، أو ضعف الطلب المحلي مع استمرار الضبابية في الاقتصاد الصيني، أو حتى تأجيل المستوردين للشراء انتظارًا لاستقرار اليوان أو هبوط الأسعار العالمية. كما لا يُستبعد أن يكون هناك تحوط من بعض الصناديق والمؤسسات عبر بيع الذهب الفعلي والدخول في مراكز ورقية ببورصات مثل لندن أو كومكس”.
واختتم زرعي تصريحه بالتأكيد أن “هذا الخصم غير المسبوق منذ كورونا يمثل إشارة ضعف واضحة في السوق الفعلي الصيني، وهو ما قد يعكس تصفية مراكز مؤسسية أو أزمة سيولة، وهذه المعطيات ستكون عنصرًا أساسيًا في قراءتنا المقبلة لحركة الأسواق وتوقعاتنا باتجاهات الذهب”.