كتب: وليد فاروق
فجّر عدد من تجار الذهب بسوق مصر الجديدة مفاجأة مدوّية، بعدما كشفوا عن لجوء بعض المحلات إلى طرح مشغولات ذهبية – خاصة الأساور والسلاسل والإنسيالات – بمصنعية متدنية وغير منطقية، لا تتجاوز 120 جنيهًا للجرام، في حين أن المصنعية الطبيعية تتراوح بين 200 و250 جنيهًا، هذا التفاوت أثار شكوكًا واسعة في السوق، وهو ما أكدته وقائع الغش التي تكشفت لاحقًا.
أسلوب الخداع: من الجمالية إلى واجهات المحلات
مصادر خاصة لـ “عيار 24” أكدت أن 3 تجار بسوق مصر الجديدة يبيبعون منتجات بعض الشركات الشهيرة من الأساور والانسيالات بمصنعية أقل من المعتاد، بعد استبدال الأقفال الأصلية بأخرى مصنوعة خصيصًا داخل ورش الجمالية،
الأقفال الأصلية المعروفة باسم “العوامة” تحتوي على سوستة حديد وزنها يتراوح بين 8 و 10مللي فقط، لكن التجار استبدلوها بأقفال مماثلة ظاهريًا تضم سوستة حديد ثقيلة يصل وزنها إلى 55 مللي (نصف جرام تقريبًا).
وبهذه الطريقة، يعطي التاجر للورشة 800 جرام من الذهب لإنتاج الأقفال، ويُضاف إليها سوستة حديد بوزن 200 جرام، ليخرج المنتج النهائي بوزن كيلو كامل يُباع على أنه ذهب من عيار 18، أي أن التاجر يربح 200 جرام ذهب في كل كيلو، أي ما يعادل 900 ألف جنيه تقريبًا.
أرباح يومية من “السوستة الحديد”
تؤكد المصادر أن بعض هذه المحلات تحقق مبيعات يومية تتراوح بين نصف كيلو إلى كيلو من هذه المشغولات، بما يعني أرباحًا ضخمة من عمليات الغش التجاري، والأخطر أن بعض أصحاب هذه المحلات كانوا مجرد “صبيان” في محلات أخرى قبل سنوات قليلة، ثم ظهروا فجأة كأصحاب لمحلات عدة، ما يثير الشبهات حول مصادر أموالهم.
وأشارت، المصادر، أن العملاء أصبحوا يتهمون بالتلاعب والمغالاة في المصنعية، مع أنهم يتعرضون للغش التجاري مع شراء نفس المنتجات بمنصعيات أقل، نتيجة تغير القفل.
الإطار القانوني والعقوبات
ما يقوم به هؤلاء التجار من استبدال لاقفال، يعرضهم للمسؤلية القانونية سواء من خلال تغير شكل منتجات الشركات دون إذنها، ما يعرض المستهلك للخسارة عند إعادة البيع، نتيجة زيادة الوزن، لأن كل شركة لديها وزن معلوم لكل قطعة، ومن ثم فأي تغير يدفعها لعدم قبول المنتج.
كما أن قانون مصلحة الدمغة والموازين ينص على معاقبة كل من يغير في المشغولات بعد دمغها بالحبس والغرامة، سواء بالإضافة أو الاستبدال أو بأي طريقة أخرى تجعلها غير مطابقة للعيار المدموغ. وفي حال صدور حكم نهائي بالإدانة، تقوم المصلحة بكسر المشغولات المخالفة.
اللواء أحمد سليمان، رئيس مصلحة الدمغة السابق، أوضح في تصريحات لـ “عيار 24” أن القانون يسمح بوجود نسبة لا تتجاوز 1% من المعادن الأخرى المكمّلة للمشغولات الذهبية لأغراض التصنيع. أما إذا زادت النسبة، فإن المصلحة ترفض دمغ القطعة وتُلزم المصنع بإعادة ضبط المكونات. وأكد أن أي مشغول يحتوي على أكثر من 1% معدن آخر ويُطرح في السوق، يعد غير قانوني ويستوجب تحرير محضر وتحويله للنيابة.
غياب الرد الرسمي
تواصل “عيار 24” مع الدكتور حمدي الحماحمي، رئيس مصلحة الدمغة والموازين، للاستفسار عن النسبة المسموح بها لوزن السوستة من إجمالي المشغول، لكنه أكد أن الأمر قيد دراسة اللجنة الفنية بالمصلحة، ورغم تكرار التواصل 3 مرات لم يرد أي رد رسمي حتى الآن.
دعوات للتوعية ومحاسبة المتلاعبين
الخبراء شددوا على ضرورة توعية المستهلكين بعمل محضر رسمي ضد أي تاجر يثبت تلاعبه، لدى مصلحة الدمغة وجهاز حماية المستهلك، لضمان حفظ الحقوق ومحاسبة المخالفين.
سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة “آي صاغة”، أكد أن خفض أسعار المصنعية ليس من طبيعة سوق الذهب، وأن أي مصنعية غير منطقية تمثل مؤشرًا واضحًا على التلاعب.
وأضاف أن على الشركات اتخاذ إجراءات قانونية لحماية منتجاتها، وأنه من الضروري أن تحدد مصلحة الدمغة نسبة رسمية وواضحة للمعادن المكملة، حتى يسهل محاسبة المخالفين.
صناعة مشوهة وثقة مهددة
رغم أن السوستة المعدنية جزء ضروري في تصنيع الأساور والأقفال، إلا أن التلاعب في أوزانها بهذه الصورة يمثل خرقًا للقانون وتهديدًا لثقة المستهلكين في سوق الذهب المصري، وبينما تحافظ مصانع محترمة على نسب طبيعية، هناك ورش وتجار يستغلون هذه الثغرات لتحقيق أرباح غير مشروعة، على حساب سمعة السوق والمستهلك معًا.