أثير كثيرا من اللغط على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اعلان مجلس الذهب العالمي رفع البنك المركزى لاحتياطياته 44 طنا من الذهب خلال الربع الأول من العام الجاري، ليبلغ إجمالي الاحتياطي 125 طنا، وتنتقل مصر من المرتبة السادسة للمرتبة الرابعة عربيا بعد السعودية ولبنان والجزائر، وتحتل المرتبة 33 عالميا، بعدما كانت فى المرتبة 40.
الكل يتحدث عن أن الدولة أهدرت جزء من الاحتياطي الأجنبي لشراء الذهب من الأسواق العالمية، في وقت وصلت الاسعار لمستويات تاريخية، في ظل احتمالية تراجع الذهب بفعل الارتفاعات المتوقعة أكثر من مرة لأسعار الفائدة الأمريكية، أو كان من الأولى استغلال هذه الأموال في دفع حركة التصنيع.
أولًا: قرار الدولة لم يكن خطأ.
ثانيًا: الدولة لم تشتر بالاحتياطي الاجنبي أي ذهبا، جزء من الذهب يعود إلى الذهب المستخرج من منجم السكرى وفقًا لاتفاقية في 2017 بين البنك المركزي وشركة سنتامين صاحبة امتياز منجم السكري، بموجبه يشتري البنك المركزي بقيمة 50 مليون جنيه شهريا ذهب من الشركة، وهي نسبة تشترى بين 50 و 60 كيلو من الذهب، ومن الملاحظ لكل بيانات مجلس الذهب العالمي منذ 2017 زيادة الاحتياطي المصري من الذهب من 74 طنا الى 80.4 طن في ديسمبر 2021.
ثالثًا: اسواق الذهب تعتمد بصورة كبيرة على تصدير الذهب الخام ” الذهب الكسر ” للاسواق الخارجية، لتوفير سيولة للاسواق، تمنح الذهب ميزة كوعاء اخاري مقابل الاوعية الادخارية الاخرى.
رابعًا: 44 طنا رقما ليس كبيرا جدا مقارنة بعمليات التصدير التي ينفذها السوق المحلي، خاصة وقت ارتفاع الاسعار، مثلما ما حدث مع موجة الارتفاعات الكبيرة خلال الفترة من يناير حتى يونيو 2016، والتي شهدت عمليات بيعية كبيرة من المصريين للاستفادة من الارتفاعات.
خامسًا: خلال الفترات الأخيرة اتخذت الدولة قرارات حدت من عمليات الاستيراد، والحد من خروج الدولار، وبالتالي تأثر تصدير الذهب، لأن عمليات التصدير تتطلب من المصدرين توفير عملة صعبة قبل تنفيذ عملية التصدير، فضلا على أن الذهب يمثل أحد وسائل توفير العملة الصعبة للبلاد، وهو ما دفع البنك المركزي للتدخل خلال العام الماضي، لحل ازمة تصدير الذهب مع قرار وزارة المالية احتساب 1 % رسوم تثمين على الذهب الخام المعد للتصدير، ما أدى إلى تراجع نسبة مصر من التصدير خلال العام الماضي.
سادسًا، ما فعلته الدولة بالتحديد هو قيام إحدى أجهزتها بتجميع جزءا كبيرا من الذهب الخام بالاسواق والموجه للتصدير للخارج، وشرائه بالعملة المحلية من كبار تجار الذهب الكسر، أي أن الدولة استفادت من العملة المحلية، وتحويلها لعملة دولية تتمثل في الذهب كعملة قابلة للتداول بكل الأسواق، ولم تتجه للشراء من الاسواق الخارج بالدولار وتبديد جزءا من الاحتياطي، وهو ما لم يحدث، ما فعلته الدولة تفكير خارج الصندوق لتعزيز احتياطاتها وقت الأزمات، وتعزز من قيمة عملتها، في ظل صعوبة توفير الدولار، أو تعرضها لأزمات خلال الفترات المقبلة مع خروج الاموال الساخنة من الاسواق.
سابعًا: من المتوقع أن تظهر بيانات مجلس الذهب ارتفاعات جديدة في احتياطي مصر من الذهب، نتجة توجه الدولة لشركة كميات كبيرة من الذهب خلال شهر ابريل 2022، ربما هذه الكمية تضاف للاحتياطي أو يتم بيعها بالاسواق الخارجية لتوفير عملة صعبة، تستخدم في سد بعض الديون او توفير سلع اساسية ارتفعت قيمتها مع الازمة الروسية الاواكرنية.
ثامنًا: الحديث عن تراجع أسعار الذهب مع رفع الفيدرالي الأمريكي، يدخل ضمن الاحتمالات لأنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الذهب، وليس من الضروري أن يؤدي رفع الفائدة لهبوط الذهب، على العكس أغلب التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار الذهب وسط وجود موجة تضخم كبيرة، بجانب ضبابية المشهد مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.