الذهب الخام هو الوسيط المالي في التعامل بين تُجار ومُصنعي الذهب، في صورة أقرب للمقايضة.
إذ يشتري المواطنون المشغولات الذهبية، من محلات الذهب مقابل مال يدفعونه، في حين يشتري التُجار المشغولات الذهبية من المصنعين، مقابل دفع نفس عدد الجرامات من “الذهب الكسر” او الخام، مع دفع قيمة المصنعية “أجرة التصنيع” بالمال.
تصنع المشغولات الذهبية المتداولة في الأسواق، من خلال تشغيل سبائك ذهبية مستوردة، أو سبائك “بلدي” مُصنعة محليًا بإعادة سبك الذهب المُستعمل أو ما يسمى بـ “الذهب الكسر”، والذي يتم تجمعيه من المستهلكين، من خلال فئة تسمى تجار الكسر او “المسؤجية”، وهي إحدى المهن المرتبطة بصناعة وتجارة الذهب.
احتياج التُجار والمُصنعين للذهب الكسر، سواء للتصنيع أو إتمام مقايضته بمشغولات جديدة لطرحها بالأسواق، يضعهم تحت سطوة المسؤجية، لأنهم المورد الفعلي للذهب الكسر بالسوق المحلي.
فعليًا “المسؤجية”، هم المتحكمون، والمسيطرون على سوق الذهب، إذ من خلالهم يُحدد سعر الذهب بالأسواق المحلية، وعلى الرغم من أنها تحدد وفقًا لأسعار الذهب بالبورصة العالمية وسعر صرف الدولار في الأسواق الموازية، إلا أنهم يتلاعبون بالأسعار لتحقيق مكاسبهم على حساب التُجار والمستهلكين .
إذ يقوم المسؤجية بتحديد سعر الذهب للتُجار والمُصنعين، وعلى إثره يُحدد سعر الذهب للمستهلك، فمثلا ” التاجر يشتري الذهب الكسر عيار 21 على 650 جنيهًا للجرام من المسؤجية ومن ثم يضيف إليه من 5 جنيهات إلى 10 جنيهات، لتحديد ” سعر الذهب للمستهلك ” .
كما يتحكم المسؤجية أيضًا، في عمليات استيراد وتصدير الذهب الخام، وتحدد الأسعار محليًا، وفقًا لحجم مكاسبهم وخسارتهم من عمليات الاستيراد والتصدير.
في الأوقات التي تشهد تراجعًا لأسعار الذهب، تزداد حركة البيع بالأسواق، نتيجة إقبال المستهلكين على الشراء، وبالتالي تقل حركة تصدير الذهب للخارج، لذا يقوم المسؤجية بإضافة 15 دولارًا على سعر الأوقية، لتعويض خسائرهم من ضعف التصدير ، في حين تشهد الأوقات التي ترتفع فيها أسعار الذهب، توجه المستهلكين لبيع ما في حيازتهم من المشغولات الذهبية، لتحقيق مكسب من ارتفاع الأسعار ، لذا يقوم المسؤجية بخفض الأسعار عن السعر العالمي، حتى يشتروا من المستهلكين بأبخس الأسعار ويستفيدوا من فرق سعر بيع الذهب في البورصة العالمية بعد تصديره للخارج.
السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا، أين دور الدولة في ضبط سوق الذهب؟، لماذا لا تحمي الدولة المواطنين وصغار التُجار ممن يتلاعبون بالسوق ؟ ، لماذ لا توجد هيئة رقابية تضبط سعر الذهب بالسوق المحلي ؟.